2024-06-26 - الأربعاء
banner
كتّاب جهينة
banner

الابداع غير العقلاني ... ازمات !!!

جهينة نيوز -

م. هاشم نايل المجالي

كثير من المسؤولين في مختلف القطاعات سواء الحكومية او القطاع الخاص عندما تواجهه الازمات على ضوء المتغيرات فانه يلجأ الى العصف الذهني فرداً وجماعة ، لكي يبدع في ايجاد الحلول للخروج من ازماته وفي كثير من الاحيان تكون الحلول اقرب الى اللاعقلانية اي ان هناك علاقة ما بين الابداع والجنون وكما قيل ذات يوم ( لكي تستخدم رأسك يجب ان تخرج من عقلك ) .

اي على المسؤولين معرفة واكتشاف حدود العقل والعمل على عدم تخطي تلك الحدود بالاجراءات والسلوك وغيره من الخطوات التي يبررها للخروج من الازمات ، ولتدور في دائرة حجم القدرات لا أن تستغل كل شيء لم تستغله سابقاً ولم يخطر على فكره سابقاً ، لتجد من يدلك عليه على انه ابداع لحل الازمة بغض النظر على ما سيترتب عليه من انعكاسات سلبية على الطرف الآخر ، في معادلة مجهولة الهوية بين الارادة في اتخاذ القرار على انه ابداع دون احتساب ما سيخلفه ذلك من فوضى .

فأذا كان الابداع هو القدرة على الخروج من حدود تلك الشخصية من الراحة والاستقرار الى المغامرة المثيرة ، بتخطي تفكير الشخص العقلاني الى نمط تفكير غير عقلاني ، لتكون هناك استجابات انعكاسية وهنا يكون الابداع مرتبط باللاعقلانية ، وكلنا يعلم ان الابداع هو القدرة على قيادة العقل والتحكم به ليقودك الى بر الأمان في السلوك والحلول وضمن الحدود المسموح بها ، لا ان تخرج جريحاً جراء التزمت كفنان يعاني امام لوحته طويلاً ولديه الكثير ليخرجه ولكنه لا يستطيع ذلك مستنزفاً لقواه ، هنا يكون المسؤول قد ضحى بمعظم الاكسجين الذي هو في حاجة اليه في عملية غير مرغوب فيها ، ولم يسبق للتشاؤم ان فاز بأي معركة ، لذلك كلمات الاحباط والتشاؤم يجب ان تسقط من قاموس المسؤولين وتستبدل بكلمات التفاؤل للعمل والعطاء والنجاح .

 لقد عكف كلويفرت على البحث عن مخرج لمأزقه فخطرت له فكرة جنونية حيث قرر ان يستثمر سموم الافاعي لانتاج مضادات سموم طبيعية ، ومع مرور الايام اصبح كلويفرت اكبر منتج للقاحات السموم في العالم ، فهل كانت الافاعي نقمة على مشروع كلويفرت ، وليس كل ما لا يتوافق مع تفكيرك يمثل حاجزاً بينك وبين مستقبلك ، فاذا كانت الارض القاحلة بما فيها من الافاعي عدواً لمشروع الزراعة ، فلقد اثبت كلويفرت ان الانسان يستطيع ان ينتفع من عدوه ان احسن التفكير ، فعلينا ان نستثمر المحن لصالحنا فليس هناك مكان مثالي لتحقيق الاحلام وانما يوجد تفكير وابداع يقود الانسان بعقلانية لتحقيق اهدافه في الحياة ، ولننجح في تحويل العقبة والازمة الى درجة من درجات سلم النجاح ، وتطويع المحن لتكون وسيلة لتنقلك الى حيث ما تريد .

ولو لاحظنا كيف ان الماء يتعامل مع الصخور خلال جريانه لأدركنا حكمة الماء ، حيث انه لا يقف مندهشاً من وجود الصخور في طريقه  لكنه يمر من حولها بكل انسيابية ولا ينهمك في مناطحة هذه الصخور ، انه التعامل بذكاء لبلوغ الهدف ولنكن اذكى من العقبات بالايجابية لا ان يقودنا الابداع  غير العقلاني الى قرارات وسلوكيات انعكاسية سلبية .

وقد قال بوبر وهو احد اشهر فلاسفة القرن الماضي ( ان الحياة قائمة على حل الازمات ) ومن هذه المقولة يمكن ان نقول ان القيادي المسؤول الذي يتمتع بروح القيادة ترتفع مكانته بارتفاع قدرته على حل المشكلات والازمات التي يواجهها ، والنظر الى ما وراء الازمة وتخطيها وتحويلها الى فرصة يمكن استغلالها لتحقيق نجاحات لا ازمات اضافية ، كذلك القدرة على التقليل من آثار الازمات قبل تفاقمها وخروجها عن السيطرة .

وعليه ان يكسر الانغلاق والانفصال عن بقية الاطراف والاطياف المختلفة والمعنية داخلياً وخارجياً بالازمة وتداعياتها الاجتماعية والعملية ، وان يؤمن بالاختلاف بصورة عامة وهي القادرة على ايجاد حلول امثل للازمة يقبل بها كافة الاطراف والاطياف ، فالقائد المسؤول هو من يصنع بنفسه حيث ان الادارة العليا لا تصنع قادة ، فالقيادة علم وفن تثبتها الحقائق عن طريق التجربة ونتعلم من خلال الاخطاء ونكتشف كل ما هو جديد وان لا نتصارع مع المشكلات .

ومن الافضل ان تغير رأيك وتنجح على ان تتشبث به وتفشل ، فليس المهم حجم المعركة بقدر ما هو الاهم وهو نتائجها ، فالقائد الماهر هو من يدير عمليات التغيير والتأقلم وبناء الثقة في قيادة المركب نحو هدف مشترك . //

           

 

hashemmjali@yahoo.com

 

 

 

 

تابعو جهينة نيوز على google news