العقبة...لنتجاوز تحطيب الليل
جهينة نيوز -عامر الحباشنه
لا أعتقد أن مدينة اردنية شهدت تغطية ومتابعة إعلامية وشعبية كما شهدته العقبة خلال الايام العشرة الجارية، والسبب حادثة الصوامع وتوابعها المستمرة لغاية اللحظة، فالحادثة لم تكن عادية من حيث طبيعتها وارتباطها بقضية الميناء الجديد نقلا وتحديثا وإعادة تأهيل مكانه القديم بعد إنجاز الميناء الجنوبي الجديد، واستحقاق تسليم الموقع القديم، والاهم من هذا وذاك هو حجم ما حدث من خسارة وفاجعة بالأرواح ترافقت مع بدء أعمال الهدم والازالة لموقع الميناء القديم.. وإن كنا تحدثنا عن حالة النقد والاستياء الشعبي حول ما حصل، والملاحظات حول إدارة الأزمة بعيدا عن كل التبريرات التي أوردتها الجهات المعنية، وهو ما تطلب بروز الرواية الرسمية التي تعبئ الفراغ وعدم تركه للاجتهادات بكل دوافعها التي لا يشكك في حرص الكثير منها على جلاء حقيقة ما حصل وبشفافيه، شفافية قد تكون غائبة عن كثير من قضايانا العامة دون حصرها بحادثة الصوامع.
وكما يعرف الكثيرون ان غياب الرواية الرسمية هو ما يفتح الأبواب مشرعة للكثير ممن يملأون فراغا في أجواء تنعدم فيها الثقة بين الجهات التنفيذية والمواطن مع سيادة المواقف الانطباعية وهذا أيضا ليس حصرا على ما حصل في العقبه،
وهنا، وبعيدا عن تفاصيل ما حدث ووجهات النظر المتعددة والمتعارضة في الكثير منها، حيث كتب الكثير الكثير وما زال هناك ما سيقال حول تلك الحادثة بعينها، لذلك ومع هذه الأجواء المتناقضة والتي اختلط فيها الحابل بالنابل، وجب التنويه لأن كثيرا مما قيل كان من منطلق حرص وانتماء وطني لا يشك في دوافعه، هدفه الحقيقة وليس غيرها،
لكن أيضا، علينا أن نعترف بأن خلطا متعمدا ساد في طروحات ومواقف الكثير، فتم الخلط بين العام والخاص والبعض ما لشخصنة الحدث وإخراجه عن إطاره العام ليجعل منه منصة ورافعة يفتح من خلالها بوابة من التشكيك في كل تجربة العقبة الاقتصادية،
لذلك وجب القول، بان العقبة وتجربتها لا يجوز إختصارها في حادثة بعينها، ولا يجوز شخصنة الأمر، فالأمر يتجاوز كل هذا، فليس هناك مراقب محايد وأن اختلف مع تجربة العقبة الاقتصادية عبر كل من تولى العمل بها، لا يستطيع هذا المراقب ان التجربة والمدينة شهدت إنجازات على المستويين المحلي والوطني، بدأ من حالة التنطيم والتطور في البنية التحتية وصولا لإنجاز منظومة مشاريع استراتيجية كمثل منظومة الموانىء وعملية تشغيل الميناء الجديد بزمن قياسي، هذه الإنجازات في البنية التحتية والفوقية انعكست إيجابيا على مستوى وقدرة المنطقة اقتصاديا واجتماعيا بحيث زادت الجاذبية الإقتصادية وتضاعفت السعة السكانية العقارية بشكل يتجاوز اي منطقة أخرى في الوطن.
نعم في العقبه تجربة رائدة ،وهي بالتأكيد بنت وطنها واقليمها، تتأثر به سلبا وايجابا، وان لم تلب طموح الكثير ومنهم من ساهم بأدارتها بما يتوافق مع الرؤية التي تم التخطيط لها، وهذا لا يجعلنا نغفل عن حقيقة ان ما وصلت له المنطقة هو نتاج منظومة مترابطة تأثرت بما يحصل وحصل في المنطقة، إلا انه بالتأكيد ساهم في إنجازات حقيقية كما ذكرنا.
والحديث هنا ليس دفاعا عن منظومة اجتهدت لتحقيق رؤيا، فانجزت في جوانب واخفقت في أخرى ولكل من الإنجاز والاخفاق اسبابه، الحديث هنا عن من يحاول القول أن ما حصل في حادثة الصوامع هو نهاية الكون، ليجعلنا نتغافل عن المحطات الايجابية وهي موجودة وملموسة على أرض الواقع، فاختلافنا واجتهادنا أفرادا ومجموعات وموقفنا مما حصل في كارثة الصوامع وخسارتنا الفادحة بشبابنا يجب أن تكون درسا بليغا وبالغ الثمن لنتعلم منه وان كنا لا نتمناه ثمنا ، درسا يجعلنا نعيد الانطلاق واستكمال البناء وقد قيمنا وتعلمنا درسا، ، لا ان نجعل من الحادثة رغم مرارتها منصة لهدم المعبد على من فيه وباي ثمن، فلا أحد كان يتمنى ما حدث، لكنه حدث ، وهذا قدر يجب ان لا نقف عنده، إلا بالقدر الذي يجعلنا موحدين أكثر حول تجربتنا، ومستفيدين من الدرس بأقصى درجاته، فهذا درس عمده الشباب بأرواحهم وفقدان وخسارة للعقبة والوطن. وبالتأكيد بالتأشير ودراسة ومحاسبة من قصر، وان تطلب الأمر إعادة النظر في أدوات وآليات إتخاذ القرار.
في الختام، العقبة مكلومة ومصابة بعزيز من أبنائها، وعلينا الوقوف معها ومع أنفسنا لكي تستمر المسيرة، التي ما ارتبطت يوما بحدث ولا بأشخاص، بقدر ما ارتبطت برؤيا أوسع تجعل منها وطنا في مدينة ومدينة هي الوطن.//