بتي الشقرات تكتب : في يوم المرأة العالمي ...لا تزال حقوقهن منقوصة
جهينة نيوز -د.بتي السقرات/ الجامعة الأردنية
لا بد لنا أن لا ننكر في هذا اليوم الذي يحتفل به العالم أجمع بيوم المرأة أننا لا زلنا نشهد في مجتمعاتنا العديد من الممارسات السلبية تجاه المرأة والتي قد تفوق أحيانا بعض الطقوس التي كانت تمارس في الجاهلية، لا يزال بيننا من إذا بشّر بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ولا يزال هنالك من يفاضل بصورة مجحفة بينها وبين الرجل ومن يطلق مصطلح ال"العورة" عليها لا بقصد التحبب في معظم الأحيان بل ليشعرها بأنها قد تكون ذلك الرجس الذي هو من عمل الشيطان ، ونشهد أيضا من يركز جلّ اهتمامه على ابناءه الذكور في الرعاية والإهتمام والتحصيل العلمي وينال الذكر من ابناءه كل التحفيز والتشجيع بينما تكون حصة الأنثى لديه منقوصه و يوزّع الحنان والمحبة وكل ما لديه ويزن بمكيالين غير متساويين بتاتا وفي بعض الأحيان قد يكون مكيال الأنثى لديه مفرغا من كل شيء.
تنضج الأنثى بيننا و في بيوتنا و البيوت المجاورة لنا وهي تلمس وتعايش واقعا مريرا بأن هنالك من يحاول ويسعى لانتقاص حقوقها في العديد من الأمور وقد يكون هذا في مراحل مختلفة من حياتها ، فكم شهدنا تلك الحالمة التي لم تتوانى وتتقاعس عن بذل كافة الجهود لتنال مقعدا جامعيا في تخصص ترغبه وتميزت في نتائجها وكانت المكافأة لها أن سُرق حلمها لأن من يليها من الابناء لاختلاف جنسه هو الأولى والأكثر استحقاقا وهو الوارث لاسم والده وقد يكون أيضا الوارث لفكره في الاقصاء.
في بعض بيوتنا هنالك من يحدد للأنثى بعد تلقيها التعليم وتميزها فيه ماهية عملها والمجال الذي ينحصر فيه دورها ويتناسى أن تاريخنا الذي يجتزء منه فقط ما يريده قد أخبرنا بأن رفيدة الأسلمية كانت تطبب جراح المقاتلين في المعارك وكانت جنبا إلى جنب تشارك الرجال في غزواتهم، لن أنسى يوما تلك الدموع التي كانت تتساقط من عينيّ إحدى طالباتي في مادة تطبيقية أدرسها وهي تعتذر لي عن عدم مقدرتها على مشاركتنا في إحدى الرحلات العلمية الإجبارية لأن شقيقها الأصغر سنا أقنع والدها بعدم السماح لها بذلك.
في مجتمعاتنا نسعى للتقدم والتطور والإصلاح في كافة مجالات الحياة ولذلك يجب أن لا ننسى ولا نتجاهل وأن لا ننكر أن هنالك تقصيرا كبيرا في حق المرأة، تلك المرأة التي لا يزال البعض يختار لها شريك حياتها تبعا لمواصفات خاصة وقد تجبر أحيانا على من لا ترغب به وأيضا علينا أن لا ننسى مشاهد النساء في أروقة المحاكم تسعى إحداهن في بعض الأحيان وحيدة لتحصيل حقوقها وحقوق أبنائها من نفقة أو إرث لا يكاد يعادل مهما كانت قيمته ذلك الشعور بالإهانة في داخلها لاختراق خصوصيتها وعدم احترام أنوثتها وأمومتها، وفي مجتمعاتنا أيضا لا يزال الذكر ونتيجة لبعض الثغرات القانونية لديه الحق في انتزاع الأطفال من حضن والدتهم ومساومتها بهم على الحياة معه.
في هذه الأيام نرى ونسمع الكثير ممن يطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق تبعا لأسس قانونية إلا أننا نشهد أيضا الكثير من الممارسات المجحفة تجاهها حتى في نطاق عملها ومنافستها على المواقع الهامة والوظائف ، ولترحمنا بعض النسوية اللواتي يطالبن من قصورهن العاجية بالمساواة بالرجل في أمور لا نزال أبعد ما نكون عنها بينما هنالك الكثير من النساء لم يحصلن على أبسط حقوقهن الطبيعية وليكن التركيز على الأساسيات حتى تصبح أقوى لتدافع عن الحقوق الأخرى وليفسح لها المجال للمنافسة الحقة لا الممنوحة .
وبالرغم من أنني نشأت وترعرت في كنف رجل كان وما يزال لي السند في كل مراحل الحياة و أخ يشهد له له القاصي والداني باحترامه للمرأة؛ أمّا و شقيقة للروح و زوجة وبنتا وزميلة إلا أنني "ولست سوداوية في هذا الأمر "لأن من يعرفني يعلم أنني أعشق كل ما هو إيجابي إلا أنني أعترف بأنني شهدت وعانيت من هذه الممارسات السلبية وبالرغم مما تحصلت عليه من درجات علمية ومكانة في عملي بشق الأنفس ،إلا أنني ولهذه اللحظة التي أكتب فيها مقالتي لا زلت غير مقتنعة بأننا سنصل للمساواة الحقة إن لم نتشارك بها سويا ، فجملة النساء شقائق الرجال لا نريدها قولا نتغنى به بل عملا يطبق بقناعة تامة وعلى المرأة أيضا الدور الأساسي في تغيير وتعديل هذا الأمر بأن تكون داعمة للمرأة محبة لنجاحاتها مسرورة بتفوقها وأن نستذكر دوما ما كان من أهم وصايا رسولنا الكريم" أوصيكم بالنساء خيرا"، وكما هي الجملة التي أكررها أمام أبنائي وطلبتي بأنه لا يمكن للمرأة أن تنجب أحرارا إذا استعبدت فالمرأة الحرة والتي يساندها الرجل لتحقيق كل ما تصبح إليه هي لبنة المجتمع الصالح الذي نسعى له والذي لا صلاح له إلا بصلاح الأجيال التي تعنى بها المرأة ويرافقها بذلك الرجل.
وأخيرا يبدأ الاصلاح منذ اللحظة الأولى من شعورنا بالتقصير والأمل بأن القادم مع التغيير سيكون أجمل وسنتفائل أنه أجمل ، كل عام وكل نساء العالم بألف خير وكل عام وجميعنا نتمتع بحقوقنا كاملة غير منقوصة.