انتخابات المهندسين.. هل تتكرر تجربة نمو؟
جهينة نيوز -انتخابات المهندسين.. هل تتكرر تجربة نمو؟
بلال العبويني
ثمة كثير يمكن قراءته في مشهد انتخابات نقابة المهندسين، الذي يشكل بحق صورة لما عليه الواقع في عالمنا العربي وعلى مستوى الدول وليس فقط مؤسسات المجتمع المدني.
أول ما يمكن الإشارة إليه، أننا لا نؤمن بالديمقراطية مهما ادعينا ذلك، فالخاسر لغة الشتم والاتهام بالمؤامرة حاضرة لديه وجاهزة للاستخدام، والفائز لا يوفر الفرصة للانقضاض على خصمه والتشفي به.
وهذا ما حدث عمليا أثناء وبعد انتخابات المهندسين، التي خسرها الإسلاميون، غير أن هذه الخسارة قد لا تطول إذ بإمكانهم العودة للسيطرة على مجلس النقابة الدورة المقبلة، وذلك لعدة أسباب.
إن التجارب العربية أثبتت عدم قدرة التكتلات المغيبة طويلا عن "السلطة" من اجتراح برامج بديلة عن السائدة، وهو التحدي الأكبر أمام قائمة "نمو" التي عليها إن أرادت الاستمرار تطوير برنامج عملي واقعي قابل للحياة يشعر معه المهندسون أن ثمة فرقا بين ما كان سائدا وما أصبحوا عليه.
في مصر مثلا، فشل الإخوان المسلمون في الحكم لعدم امتلاكهم برنامجا بديلا قابلا للحياة لقيادة الدولة، وكذا الحال في سوريا التي لم تتمكن أي من التيارات المعارضة على فرض نفسها كبديل لنظام الحكم رغم دخول الأزمة عامها الثامن، والتعميم هنا صحيح في باقي الأقطار العربية.
نقابة المهندسين سيطر عليها الإسلاميون أكثر من ربع قرن، وهنا يكمن وجه الشبه بينها وبين أنظمة الحكم في العالم العربي، حيث استطاعوا خلال تلك المدة تشكيل ما يمكن وصفه بـ "الدولة العميقة"، القادرة على قلب الطاولة على المنافسين في أقرب فرصة.
في مصر، استطاعت الدولة العميقة قلب الطاولة على الإخوان المسلمين إبان حكم مرسي، عبر تضخيم الأخطاء وتسليط الضوء على العثرات والتشفي عند الإخفاق، وتسخيف الإنجاز، وهذا ما يمكن أن يلجأ إليه الإسلاميون في المهندسين، كما يلجأون إليه في نقابة المعلمين.
فالإسلاميون، كما أنظمة الحكم العربية، ساهمت السيطرة الطويلة على مجلس النقابة بتمكينهم من حفظ كل شأن من شؤون النقابة عن ظهر قلب، بالتالي هم يدركون جيدا أي الملفات التي يجب تسليط الضوء عليها لتكون أكثر إيلاما لقائمة نمو التي تسيطر اليوم على مجلس النقابة.
لذلك، لا يجب لقائمة نمو أو سواها، من القوائم الطامحة، أن تطمئن لما تم تحقيقه الجمعة الماضية على أنه سيدوم طويلا إن لم تستطع تشكيل برنامج "مهني سياسي" بديل يلمس أثره المهندسون بشكل مباشر.
هذا من جانب، ومن آخر إن فشل إخوان مصر تمثل في جوعهم للسلطة ورفض الشراكة مع الآخر، وهذا ينطبق على حال الإسلاميين في نقابة المهندسين وإن كانت هناك بعض الشراكات غير المؤثرة مع مستقلين وآخرين خلال فترات محددة.
لذا، على "نمو" تطوير علاقاتها مع الآخرين، وهذا لا يجب أن يكون محصورا بالجسم الهندسي، بل يجب أن يمتد إلى مختلف التيارات السياسية والثقافية والمهنية في البلد، ذلك أن التجربة الحديثة أثبتت دور غير المهندسين في التحشيد لقائمة نمو، وتشكيل رأي عام لصالحها، وهو الأمرالذي لا يجب الاستهانة به أبدا.
ما أريد قوله هنا، إن أكثر من 25 عاما على قيادة الإسلاميين لنقابة المهندسين تجعلهم قادرين على العودة إليها في الانتخابات المقبلة، فهم دهاة في الانتخابات إن أعادوا ترتيب أوراقهم من جديد، وهو ما يفرض تحديات كبيرة على منافسيهم من أجل الاستمرار.
على العموم، بقي أن نقول إنه ورغم أن لدينا أنظمة انتخابية وانتخابات منذ زمن، إلا أننا ما زلنا إلغائيين، ولا نؤمن بالشراكة ولغة الصناديق.//