آلاف اليهود توافدوا من أوروبا وإسرائيل على منتجع سياحي بتونس
وسط حراسة أمنية مشددة وفي أجواء احتفالية، توافد آلاف اليهود من أوروبا وإسرائيل، الأربعاء 2 مايو/أيار 2018، على مزار يهودي بمنتجع جربة السياحي؛ لإقامة احتفال ديني نادر الحدوث، في بلد عربي بعد عزوف استمر سنوات؛ بسبب الوضع الأمني الذي أعقب انتفاضة 2011.
وتضم تونس، التي تقطنها أغلبية من المسلمين، نحو 2000 يهودي، أكثر من نصفهم يعيشون في جزيرة جربة الواقعة على بُعد 500 كيلومتر جنوب العاصمة تونس.
ونفذت الحكومة إجراءات أمنية مشددة، وأقامت الحواجز في مدخل منطقة الغريبة بجزيرة جربة، حيث يقع الكنيس، كما انتشر مئات من قوات الشرطة ومكافحة الإرهاب بينما كانت طائرة هليكوبتر تحلّق لمراقبة المكان. ويستمر الاحتفال يومين.
وتعرَّض مزار الغريبة لهجوم انتحاري، حين اقتحم مهاجم في سيارة صهريج محمَّلة بغاز الطهي، مقر المعبد في عام 2002، ليقتل 21 شخصاً، غالبيتهم من السياح الألمان.
وتعيش تونس أيضاً تحت قانون الطوارئ منذ 2015، بعد هجوم متطرفين ضد سياح بفندق في سوسة ومتحف باردو قُتل فيهما العشرات.
وكان الاحتفال الديني قد توقَّف عامين بعد 2011؛ بسبب الأوضاع الأمنية في تونس، وعاد فقط المئات من اليهود بالسنوات القليلة الماضية. لكن مع تحسُّن الأوضاع الأمنية بشكل ملحوظ هذا العام (2018)، يقول منظمون إن نحو 5 آلاف على الأقل وصلوا إلى كنيس الغريبة، وهو أكبر رقم منذ 2010، حيث وصل عدد الزائرين اليهود آنذاك إلى 5 آلاف.
وقال سائق سيارة أجرة: "تدفُّق اليهود على جربة يعطينا فكرة كيف سيكون الموسم السياحي..هذا العام (2018)، جاءوا بكثرة ويبدو الأمر جيداً للغاية.. نتوقع انتعاشة في القطاع السياحي، بعد ركود استمر سنوات عقب الثورة".
ويقول بيريز الطرابلسي، رئيس الطائفة اليهودية في جربة، لـ"رويترز": "هذا العام (2018) الوضع جيد للغاية، واليهود عادوا بكثرة إلى كنيس الغريبة من إسرائيل وروسيا وفرنسا وإيطاليا..عدد الزوار يتجاوز 5 آلاف".
وعودة تدفُّق اليهود إلى كنيس الغريبة مؤشر مهم بالنسبة لصناعة السياحة في تونس، التي تتطلع حكومتها لاستقبال نحو 8 ملايين سائح أجنبي هذا العام (2018).
ويمثل هذا الاحتفال أيضاً فرصة لاختبار قدرة الأمن التونسي على حماية الزائرين اليهود من أي هجمات محتملة من متشددين إسلاميين.
وقالت زائرة -تدعى إيزابيل قاز- قدمت من باريس، لـ"رويترز": "الوضع الأمني ممتاز هنا، وهذا شجعنا على القدوم من جديد. نحن اليوم نحس بأننا أكثر أمنا في تونس من باريس".
وأضافت: "هذا الاحتفال فرصة رائعة للتقارب بين المسلمين واليهود وباقي الديانات، وفرصة لندعو للسلام والحب في أنحاء العالم".
وداخل الغريبة -وهي أقدم كنيس يهودي بإفريقيا- غنى اليهود ورقصوا، في حين كتب آخرون أمانيهم بالزواج والإنجاب والسلام على بَيض ووضعوه في قبو. وتناول الزوار خمراً محلياً يُعرف باسم البوخا.
وأضاء آخرون الشموع داخل المعبد، وأقاموا الصلوات، ورددوا الأدعية، كما تنظم أيضاً مزادات علنية بساحة المعبد، يذهب ريعها إلى يهود جربة.
وحضر العديد من التونسيين المسلمين احتفالات الغريبة الدينية، في إشارة منهم إلى التسامح والتعايش بين الأديان. ومن المتوقع أن يصل أيضاً رئيس الوزراء التونسي للغريبة، في إشارة لدعمه الاحتفالات الدينية.
واستغل آخرون الفرصة للتسوق واقتناء هدايا تقليدية من جربة وتذوق الأكلات التي يشتهر بطبخها يهود جربة مثل "البريك".