"الجاجة من البيضة.. أم البيضة من الجاجة"..
كتب محمود الدباس..
هذا الموضوع الجدلي والذي ينطبق على كثير من الامور.. اصبح كالمثل المتداول للدلالة على الاهمية او الاصل لشيئين مرتبطين ببعضهما ولا مجال للتفريق بينهما.. وقد تطرق لشرحه هذا الكثير من المفكرين والفلاسفة والمنظرين..
يكثر الحديث في الجلسات والصالونات وحتى في صفحات الجرائد والمواقع الاخبارية عن الوطن والمواطن والانتماء والمواطنة الصحيحة..
فاذا ما حاولنا سبر غور مفاهيم الوطن والمواطنة والمواطن.. ومن هو الأهم.. ومن هو الأساس في تكوين هذه العلاقة او المنظومة.. وهل تنعكس المواطنة وسلوك المواطن على الوطن.. ام هل يؤثر الوطن على مواطنيه..
فنجد ان الوطن مكون من شخصيات معنوية.. لها دورها في تشكيل شخصية ودرجة رقي وصلاح المواطنين.. والعكس صحيح.. فالمواطن السوي والاسرة الصالحة والمدينة الفاضلة.. كلها تعكس مدى صلاح ورقي وتطور الوطن بمجمله..
فكما قيل بأن وطن لا مواطنين فيه يصبح قطعة أرض لا قيمة لها.. وإنسان لا وطن له.. سيكون مهمشا لا قيمة له ولا أحد يراعيه..
وعندما نعلم يقينا ان الوطن هو قطعة من الارض قابلة لان يعيش عليها مجموعة من البشر.. تربطهم مجموعة من القوانين والانظمة والمفاهيم وحتى العادات والتقاليد.. التي تنظم حياتهم وتعاملاتهم.. وكذلك تمكنهم وتدفعهم للانتماء لذلك الوطن.. والتمسك به شعارا وعقيدة..
فتصبح العلاقة بينهم وبين وطنهم هي علاقة التكامل المصلحي الجمعي البناءة.. وليست المصلحة الشخصية المجردة.. والاحادية النظرة والاتجاه..
وهنا يجدر القول بانه لا بد من وجود تلك القوانين الناظمة للعلاقات بين المواطنين.. والتي تعد الضامن للحقوق والحريات والواجبات.. والمانعة للظلم والفساد والاستقواء والتعدي على حقوق الاخر..
فبقدر علو وسمو وتطبيق هذه القوانين على الجميع.. يكون الانتماء لذلك التراب.. وتخلق بالتالي ذلك الجو من الاحترام المتبادل..
وعندما نرى ان هناك انظمة امنية عسكرية مصاغة بحرفية تضمن تماسك الوطن.. وتحفظ امنه واستقراره وسيادته.. واستفادة ابنائه من خيراته ومقدراته.. فان معاني الانتماء لذلك الثرى تكون في اعلى مراتبها.. والدفاع عنه اذا ما خطب الم به داخليا او خارجيا يكون غريزيا عفويا نابعا من اعتقاد المواطن بضرورة الحفاظ على وجود الوطن هوية وجغرافية.. للحفاظ على وجوده كانسان عزيزا كريما..
فبوجود وتحقيق ما سلف.. سيكون هناك مواطن ووطن.. وسيتحقق مفهوم المواطنة الحقة.. وسيشعر كل مواطن بأحقيته في هذا الوطن.. وسيكون منغرسا فيه كانغراس الاشجار المعمرة في اعماق ثرى الوطن الطاهر.. وسيكون للدفاع عنه بالارواح والاموال معنى وقيمة..
وسنجد ان هناك رابطا وجداني متأصل متبادل بين الوطن والمواطن.. وان كلاهما يحتاج الاخر.. ولا غنى لتراب الوطن عن المواطن المنتمي المدافع الحامي والحارس له.. ولا قيمة لانسان من غير وطن..
وحينها سيتسابق ويتنافس الجميع.. وسيبذل كل مواطن ما بوسعه لتحقيق النماء والرفعة للوطن كاملا.. فبتكامل وتظافر الجهود سيسعد ويرقى الجميع..
وفي الختام اقول.. الوطن هو المكان الذي يشعر الانسان فيه بآدميته وكرامته ومكانته.. ويحصل فيه على حقوقه دونما منة او صدقة من احد.. ويأمن فيه على نفسه وماله.. ومن غير المواطن لا وجود لوطن..
أبو الليث..