الجدل يحتدم في برلين بشأن موقع الأسد في حل الأزمة السورية
برلين – د ب أ
تشهد الساحة السياسية الألمانية جدلا حادا بشأن الموقف من الأزمة السورية على ضوء الضربات الغربية واستعمال نظام الأسد للأسلحة الكيماوية. فالمعضلة تكمن في صعوبة بلورة حل مع أو بدون الأسد.
قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية امس الاثنين إن بلاده لا تزال تعتقد أن حكومة الرئيسالسوري بشار الأسد يجب تغييرها في نهاية عملية سلام، لكنه أقر بالحقائق التي تجعل ذلك مستحيلا على المدى القصير. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية، في نفس المؤتمر الصحفي، إنه سيتعين إجراء انتخابات بعد عملية سلام طويلة في سوريا التي تشهد حربا تشارك فيها أطراف عديدة.
وأعرب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس (الحزب الاشتراكي الديموقراطي) عن أمله في عودة أطراف الصراع في سوريا إلى استئناف العملية السياسية وذلك بعد الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على مواقع سورية، وذلك ردا على ما قالت إنه هجوم بسلاح كيمياوي في دوما في الغوطة الشرقية لدمشق. ماس أكد اليوم أن الصراع السوري بحاجة إلى حل يتم التوصل إليه عبر التفاوض وتشارك فيه كل القوى في المنطقة، مضيفا أنه لا يتخيل أن يكون شخص استخدم أسلحة كيماوية ضد شعبه جزءا من هذه العملية. وكان ماس سئل عما إن كان الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يكون جزءا من حل الأزمة في سوريا. وقال بالحرف "سيكون هناك حل يشارك به جميع من لهم نفوذ في المنطقة"، مستطردا "لا يمكن أن يتخيل أحد أن يكون شخص يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه جزءا من هذا الحل".
بينما يرى يورغن هارت المتحدث باسم الفريق المسيحي الديموقراطي في البرلمان الألماني ومنسق الحزب للشؤون الأطلسية، أنه لا بد من العودة إلى لغة الدبلوماسية مع أخذ الرئيس الأسد بعين الاعتبار "نحن بحاجة للجرأة بشأن الفكرة غير المريحة التي تتعلق بكيفية مشاركة نظام الأسد في حل سلمي. من الواضح أن روسيا لن توافق على خيار لا يتضمن الأسد".
من جهته، دافع وزير الاقتصاد بيتر ألتماير المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تتزعمه المستشارة ميركل، عن رفض حكومة بلاده المشاركة العسكرية. وقال في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية الصادرة امس الاثنين "فقط لأننا لم ننفذ بأنفسنا ضربات جوية لا يعني أننا نبقي أنفسنا خارج من الأمر". وذكر ألتماير أن الحكومة الألمانية تسعى عبر كافة القنوات لوقف القتل في سوريا، وقال "نحن ندعم التضامن الغربي، ونقوم بمهام مختلفة عن مهام آخرين، مثل تدريب البيشمركة".
وكان الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن قلقه أمس الأحد عن قلقه من "ازدياد الهوة" بين روسيا والغرب مؤكدا على ضرورة الحوار بين الجانبين. وحذر شتاينماير من معاداة روسيا ككل قائلا "بمعزل عن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، لا يمكننا اعتبار روسيا بأكملها - بلدا وشعبا - عدوة لنا" مشيرا إلى وجود "الكثير على المحك" في هذا السياق. وفي ما يتعلق بالشأن السوري، قال إنه لا يمكن تحقيق تقدم على الأرض حتى يعمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي بشكل بناء للتفاوض على حل للنزاع. وأضاف "لكن علينا أن نقلق بنفس الدرجة على الأقل بشأن ازدياد الهوة بين روسيا والغرب والذي قد تكون تداعياته أبعد بكثير من هذه القضية".
في سياق متصل، دعا مفوض أوروبي إلى عقد اجتماع قريب بين المستشارة ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث الأزمة السورية. وردا على سؤال حول الدور الذي من الممكن أن تلعبه ميركل في العملية الدبلوماسية التي تسعى إليها ألمانيا وفرنسا من أجل إنهاء الحرب في سوريا، قال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الميزانية والموارد البشرية، غونتر أوتينغر، اليوم "المستشارة لديها سلطة عليا. بوضوح تام: عندما تجلس (ميركل) على طاولة المفاوضات، سيكون لها بالتأكيد وزنها وحججها، وستكون ممثلة قيادية للاتحاد الأوروبي".
وأكد السياسي الألماني ضرورة بحث كافة الخيارات الدبلوماسية، لأن الأمر يتعلق بالجوار الأوروبي، مضيفا أن أزمة اللاجئين سببها إلى حد كبير الحرب في سوريا، وقال "لذلك يتعين علينا كأوروبيين بذل المزيد من الجهود الآن لعرض أي فرصة للحوار ومحاولة التهدئة". كما دعت نائبة رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي، يوليا كلوكنر، إلى عدم قطع خيوط الحوار مع روسيا، وقالت "يتعين علينا جعل مواقفنا تجاه روسيا واضحة تماما". وذكرت كلوكنر أنه إذا كانت ألمانيا وفرنسا متفقتين على موقف موحد فإن هذا أمر جيد بالنسبة لأوروبا.
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا شنت في ساعة مبكرة من صباح أول أمس السبت ضربات على سوريا، حسبما أعلن قادة الدول الثلاث، وذلك ردا على هجوم كيماوي قاتل على بلدة دوما قرب دمشق نهاية الأسبوع الماضي. وتسعى ألمانيا وفرنسا الآن إلى بدء عملية دبلوماسية لإنهاء النزاع في سوريا.