إسرائيل: الضربة الغربية رفعت أسهم الأسد في الرأي العّام العربيّ
لا يختلف عاقلان بأنّ الإعلام العبريّ يعكس بأمانةٍ آراء وأفكار ومُعتقدات صنّاع القرار في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، وكَمْ بالحري، عندما يقوم الـ”مُحلّل” للشؤون العسكريّة، في هذه الصحيفة أوْ ذاك الموقع الالكترونيّ بنشر الـ”حقيقة”، وهذا ما جرى اليوم في جميع الصحف الإسرائيليّة التي أجمعت على أنّ الضربة الأمريكيّة -الفرنسيّة-البريطانيّة ضدّ سوريّة لم تتعدّ كونها مُحاولة من الغرب لحفظ ماء الوجه، والامتناع عن إغضاب الرئيس الروسيّ بوتن، وهكذا، كما شدّدّ مُحلّل الشؤون الأمنيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أليكس فيشمان، الناطق غيرُ الرسميّ بلسان المُستوى العسكريّ في تل أبيب، هكذا “عُدنا إلى المُربّع الأوّل، وبقيت إسرائيل لوحدها في الساحة لمُواجهة العدّو الإيرانيّ بشكلٍ خاصٍّ ومحور الشرّ بشكل عامٍّ، هذه المُواجهة الآخذة بالتصعيد الخطير”.
هذا الإعلام المُتطوّع لصالح “الأجندة القوميّة الصهيونيّة” انتقل من الاستياء إلى التعبير عن الغضب العارم من محدوديّة الضربة الغربيّة، التي بحسب تعبيره لا تُسمن ولا تُغني عن جوع.
المُحلّل فيشمان أشار إلى نقطتين هامّتين بحسب رأيه، واللتين تقُضان مضاجع أركان دولة الاحتلال، الأولى، الخشية العارمة من إقدام إيران على الثار من إسرائيل بسبب قيامها بقصف القاعدة العسكريّة (T4)، مطلع الأسبوع الماضي، والتي أدّت لمقتل سبعةٍ من المُستشارين الإيرانيين، ناقلاً عن مصادره الأمنيّة، أنّ طهران قد تلجأ إلى إطلاق صواريخ من طراز “كورنيت” من على بعد خمسة كيلومترات من الـ”حدود” مع إسرائيل في هضبة الجولان، أوْ من مزارع شبعا في لبنان، أوْ اللجوء إلى استخدام الطائرات بدون طيّار لضرب أهدافٍ في عمق الدولة العبريّة، لافتًا إلى أنّ كبار القادة في المؤسسة الأمنيّة يُحذّرون من أنّ عمليةٍ إيرانيّةٍ تجبي عددًا من القتلى الإسرائيليين ستؤدّي إلى اندلاع حربٍ شاملةٍ، على حدّ تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، أشار إلى أنّ تقديرات الاستخبارات عسكريّة في تل أبيب تؤكّد على أنّ الإيرانيين سيقومون بعمليّةٍ عسكريّةٍ ضدّ إسرائيل.
أمّا النقطة الثانية، التي توقّف عندها المُحلّل فيشمان فتتعلّق بالخشية والتوجس الإسرائيليين من قيام روسيا بتزويد الجيش العربيّ- السوريّ بمنظومة الصواريخ من طراز (S300)، لافتًا إلى أنّ الأضرار التي لحقت بمنظومة إنتاج الأسلحة الكيميائيّة في سوريّة نتيجة الضربة الغربيّة كانت ضئيلةً جدًا، وتكاد لا تُذكر.
وأشار إلى أنّ مُستوى القلق الإسرائيليّ ارتفع جدًا في الفترة الأخيرة بسبب عاملين اثنين: الأوّل القرار الأمريكيّ بسحب قوّات الولايات المُتحدّة من على الأراضي السوريّة، والثاني إعلان وزير الدفاع الروسيّ بأنّ بلاده ستُزوّد سوريّة بصواريخ (S300)، مُوضحًا في الوقت عينه أنّ هذه المنظومة موجودة اليوم في سوريّة، ولكنّها تُفعّل من قبل الخبراء الروس، ولا تُستخدم للحدّ من حريّة الطيران الإسرائيليّ في سوريّة.
أمّا في حالة حصول الجيش السوريّ على هذه الصواريخ، فأكّد المُحلّل، نقلاً عن المصادر الأمنيّة، التي وصفها بالرفيعة جدًا في تل أبيب، أكّد أنّ هذا التحوّل سيكون إستراتيجيًا لأنّه بمقدور هذه المنظومة جعل مهمّة حريّة التحليق والطيران الإسرائيليّ في الأجواء السوريّة مهمّة صعبّة للغاية، وبالتالي فإنّها تضع إسرائيل أمام معضلة: هل ينبغي مهاجمة هذه الصواريخ قبل أنْ تُصبح عملياتيّة في سوريّة، أمْ لا؟
ب
الإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، أشار المُحلّل إلى أنّ إعلان الناطق بلسان جيش الاحتلال بأنّ الطائرة الإيرانيّة بدون طيّار، والتي أُرسلت لتنفيذ عمليةٍ ضدّ إسرائيل كانت مزودّةً بمتفجرات، كان إعلانًا غريبًا، لأنّه صدر بعد حوالي شهرين من الحادثة، وشدّدّ في الوقت نفسه على أنّ الطائرات المُسيرّة هي جزء من العقيدة القتاليّة الإيرانيّة الجديدة التي ترتكز أيضًا على إطلاق الصواريخ الدقيقة باتجّاه العمق الإسرائيليّ، على حدّ قوله.
من ناحيته، قال مُحلّل الشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) إنّ الخشية الإسرائيليّة تكمن في أنْ يقوم الرئيس الروسيّ بعمليّةٍ انتقاميّةٍ، ويُحدّد جدًا حريّة الطيران الإسرائيليّ في الأجواء السوريّة، لافتًا إلى أنّ ترامب اختار عدم تهديد الرئيس الأسد، والآن انتقلت الكرة إلى ملعب بوتن لكي يُقرر فيما إذا كانت وجهته للتصعيد.
أمّا مُحلّل الشؤون الأمريكيّة في (هآرتس)، حيمي شاليف، فقال جازمًا إنّ ترامب يخاف من المُحققين في واشنطن في قضاياه، أكثر بكثير من خشيته من الرئيس السوريّ. ولفتت الصحيفة إلى أنّ الضربة الغربيّة لسوريّة أصبحت انتصارًا للأسد في الرأي العّام بالوطن العربيّ، على حدّ تعبيرها.
الرأي اليوم