"صندوق النقد الدولي" ينصح دول الخليج بتنويع اقتصاداتها ويحذر من الأزمة مع قطر
واشنطن - أ ف ب
أصدر "صندوق النقد الدولي" التقرير المالي الدوري الخاص بالشرق الأوسط وآسيا الوسطى، في وقت يشهد فيه الخليج أزمة دبلوماسية كبرى. ونصح صندوق النقد دول الخليج بتسريع تنويع اقتصاداتها خارج قطاع النفط، محذرا إياها من العواقب الاقتصادية لاستمرار الأزمة بين قطر ودول الحصار.
في التقرير المالي الدوري الخاص بالشرق الأوسط وآسيا الوسطى، نصح صندوق النقد الدولي الثلاثاء دول الخليج "بتسريع تنويع" اقتصاداتها التي ما زالت تعتمد على النفط إلى حد كبير، معتبرا أنها اللحظة "المناسبة" لذلك.
إضافة إلى ذلك، حذر الصندوق من أن استمرار الأزمة الدبلوماسية بين قطر وجاراتها قد يضعف النمو في هذه الدول، رغم تأكيده أن الآثار الاقتصادية للخلاف لا تزال محدودة بعد مرور نحو خمسة أشهر.
ويفترض أن تسجل السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية وسلطنة عمان الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، أضعف نسبة نمو في إجمالي الناتج الداخلي منذ 2009، ويتوقع الصندوق أن تبلغ 0,9 بالمئة.
من جهته، صرح مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق النقد الدولي جهاد ازعور لوكالة الأنباء الفرنسية "إنها اللحظة المناسبة لهم اليوم لتسريع تنويع الاقتصاد خارج قطاع النفط. يجب تشجيع دور متزايد للقطاع الخاص من أجل دعم النمو وخلق مزيد من الوظائف". وأضاف أن "إعداد الاقتصادات لمرحلة ما بعد النفط يصبح أولوية لكل منطقة النفط".
وبعد فترة ازدهار بفضل عائدات النفط والغاز، تشهد دول الخليج منذ انهيار أسعار النفط في 2014، زيادة كبيرة في العجز في ميزانياتها تجبرها على اقتطاع الدعم المالي وعلى فرض رسوم جديدة وتحفيز قطاعات اقتصادية أخرى.
ورأى أزعور أن رسم القيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة الذي أعلنت دول الخليج فرضه اعتبارا من بداية 2018 هو أحد الإجراءات التي يمكن أن تسمح بالتوصل إلى التنويع المرغوب فيه منذ فترة طويلة.
وتابع "النسبة القليلة للرسم سيكون لها تأثير محدود على التضخم"، معتبرا أنه سيسمح بتأمين بين 1,5 و2 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي كل سنة.
من جهة أخرى، ذكر صندوق النقد الدولي في التقرير أن القطاع غير النفطي يسجل نموا أسرع مما كان متوقعا في السعودية التي تتصدر الدول المصدرة للنفط في العالم. وسيكون نمو الاقتصاد الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شبه معدوم هذه السنة، لكن صندوق النقد الدولي يرى مع ذلك مؤشرات إيجابية في هذا البلد الذي أطلق خطة "رؤية 2030" للتحول الاقتصادي.
وتريد الرياض خصوصا إقامة منطقة اقتصادية ضخمة أطلق عليها اسم "نيوم" ووصفت بأنها ستكون "سيليكون فالي" على المستوى الإقليمي، إضافة إلى مدينة ترفيهية في الرياض على غرار "والت ديزني" ومشروع لتحويل جزر في البحر الأحمر إلى منتجعات فخمة.
ومن المفترض أن تخصص المنطقة الاقتصادية لقطاعات متنوعة من التكنولوجيا الحيوية إلى القطاع الرقمي والغذاء ووسائل الإعلام، حسب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وذكر أزعور أن "الاقتصاد السعودي يتحسن وسيسمح تطبيق التصحيحات في الميزانية تدريجيا بنمو أسرع".
ويمكن أن تتوصل السعودية والإمارات العربية إلى تحقيق توازن في الميزانية في 2020 و2022 على التوالي. وأعلنت السعودية عن عجز يبلغ 170 مليار يورو في 2014 و2015 و2016، ويفترض أن تسجل عجزا يبلغ 45 مليار يورو هذه السنة.
وفي دليل على أن النفط لم يعد اليوم معجزة تدر الأموال، قال صندوق النقد الدولي إن اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي يفترض أن تستورد الذهب الأسود قد تسجل نموا يبلغ 4,3 بالمئة هذه السنة، وهي أعلى من تلك التي تشهدها البلدان المصدرة للنفط.
وصدر تقرير الصندوق في وقت يشهد الخليج أزمة دبلوماسية كبرى. وكانت البحرين والمملكة السعودية ودولة الإمارات ومصر قطعت علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/يونيو الماضي على خلفية اتهام الدوحة بتمويل "الإرهاب"، وهو ما تنفيه الإمارة الصغيرة الغنية بالغاز. وفرضت الدول الأربع عقوبات اقتصادية على قطر بينها إغلاق الحدود البرية مع السعودية ومنع طائراتها من استخدام مجالاتها الجوية.
وأضاف أزعور أن "آثار الخلاف الدبلوماسي (...) على اقتصاد قطر محدودة، وآثاره على المنطقة معدومة". وتابع "حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أن الخلاف الدبلوماسي أثر على النمو في مجلس التعاون الخليجي"، موضحا "هناك آثار محدودة جدا على التجارة وآثار شبه معدومة على أسعار النفط". لكن صندوق النقد الدولي كان حذر في تقريره الدوري من أن استمرار الخلاف قد يؤثر على معدلات النمو في دول مجلس التعاون الست.
وقال التقرير الصادر الثلاثاء إن "استمرار الأزمة قد يضعف توقعات النمو على المدى المتوسط، ليس فقط في قطر بل أيضا في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى"، مضيفا أن الخلاف "قد يؤدي إلى إضعاف الاستثمارات والنمو".