محمود الدباس يكتب:- شعب الله المختار..
جهينة نيوز -لن أخفي سراً بأنني بدأت بكتابة هذه الخاطرة منذ مدة ليست بالقريبة.. فتارة أخرجها من الحافظة لأنشرها.. وتارة أعيدها ثانية.. لأنني على يقين من أن مجموعة ممن هم حولي سيبتعدون أو يتساقطون بعد قراءة ما كتبت.. ولا أخفي سرا أيضا بأنه لأمر صحي.. لأنهم ممن أصنفهم حِمل على أكتافي كالوزن الزائد.. والتخلص منه جيد لا بل واجب..
كنت قد ذكرت في مداخلاتٍ لي كثيرة على وسائل التواصل الإجتماعي.. أنني ولولا أن تُسجل علي منقصةٌ بالفهم غير السليم واجتزاء هذه العبارة فقط من قبل البعض.. لصدحت بملء فمي "شكرا بني يهود لِسَبقكم بأخذِ هذه الكنية (شعب الله المختار)" وذلك لأننا سوف نأخذها وبكل قوة..
سأتناول ما أعنيه وأقصده من هذا الفهم المقيت.. من زاوية التباهي والشعور المفرط والمبالغ فيه بما نقدمه.. وكذلك التطرف في التضاد والإزدواجية في القول والفعل.. معتقدبن تمام الاعتقاد بالكمال والعقلانية حبنما نتبنى اي رأي او طرف من اطراف التضاد في المواقف.. وذلك من خلال جانبين عشتهما وأعايشهما كثيراً من الأحيان.. مختزلا هذا الموضوع في خاطرة واحدة متناثرة الأفكار.. متقلبة المزاج.. متأثرة بالإزدواجية والإنفصامات النفسية التي تحيطني في الكثير من الأوقات.. فجلد الذات لتصحيح الفهم وتصويب المسيرة.. شيء مرغوب محمود فيه وفاء..
وكذلك لأنني لن أطرق هذه الموضوعات مرة اخرى..
- علمياً وثقافياً..
لا أقول بأن لا نفتخر ونعتز ونتباهى بمنجز أنجزناه.. ولا أقول بأن لا نُظهِر للعالم إننا موجودون على خارطة التقدم والفكر والإبداع.. وعلينا ان نطالب بمكانة واضحةٍ نضع عليها بصمةً لمجهوداتنا..
ولكن اقول بأننا يجب أن نطالب بمكانةٍ تليقُ بحجم ما نقدمه.. لا بحجم ما نتخيلُ ونحلم أننا قدمناه..
فهناك بَونٌ شاسع بين ما نقدمه واقعاً ملموساً.. وما نتخيل اننا قدمناه حقيقة واقعة..
إن أي أردني قد خرج من نطاق الأردن الجغرافي واختلط بالآخرين.. يحق له أن يحدد مكانَ وحجم مشاركاتنا.. وذلك لأنه يرى بأم عينه حجم مشاركاتنا في العِلم والثقافةِ والتقدم الحقيقي مقارنة بالآخرين..
أمّا أن أبقى في بيتي.. وبين أقربائي ومجتمعي المغلق.. وأنظر لإبنتي التي عملت مقطعا باستخدام تطبيق على التليفون.. بأنها تضاهي ستيف جوبز في الحاسوب!..
فهذا والله إنه الظلم لانفسنا بعينه..
- إجتماعياً وسياسياً..
تجدنا أكثر الناس طلبا للترابط المجتمعي والفزعة والنخوة والإيثار.. وفي نفس الوقت نتذمر من كثرة المحتاجين والمعوزين وطلباتهم التي لا تنتهي على حد وصفنا..
تجدنا أكثر الناس تغنيا بالقومية والوحدة العربية و/او بالأخلاق الإسلامية.. ونقول إن الأردن ملاذ الأحرار وانه أسِسَ على هذه القيم النبيلة.. والتي لم يسبقنا اليها احد.. وتجد منا من يَتكَسبُ وللأسف من هذا الواقع.. وسرعان ما يرفضه جملة وتفصيلا إذا انقضت مصلحته الشخصية وامتلأت خزائنه.. وعندما يجِّدُ الجد.. يُخرِجُ كل ما اختُزِن في البطون من نتن المعاني والألفاظ في قلة الإحترام.. ورفض وجود الآخر.. وعدم إحترام رأيه.. وسرعان ما تعود بنا ايام الجاهلية البغيضة بالعمى والتعامي في القلوب والعقول.. ونبدأ بالتغني بموروثاتها.. وتظهر نعراتنا.. وننسى كل ما تربينا عليه من نبيل الاخلاق وحسن الالفاظ.. وطيب المعشر.. ويصبح شعارنا..
(وما أنا إلا من غُزَيَّةَ إن غوَتْ..
غويتُ وإن ترشُدْ غزيةُ أرشد)..
أما التملق والتسحيج وبيع الوطنيات والإنتماء الزائف.. فحدث ولا حرج.. فأكثر ما يصدمني تملقُ معارضٍ أو تشدق مناهضٍ.. فعدنما تأتي المصلحة الشخصية طارقة الباب.. تجد ذلك المنتقد لنظام الحكم عبر عقدين من الزمان.. يُصبح المدافع الأول عن النظام.. ويتناسى ما خط سمُ قلمه من تحامل على الوطن والنظام.. متلاعبا بالألفاظ والإستعارات المكنية وغير المكنية.. مُحَوراً كل انتقاداته وافتراءاته السابقة لمدح وتمجيدٍ.. مراهنا بقلة فهمه على وعي الأردنيين.. ظانا أن الأردنيين ستنطلي عليهم هذه الترهات.. وهو في واقع الحال كمن قال (قلوبنا معكم وسيوفنا مع بني أمية)..
الأفاضل الكرام.. إنه من جميل طباع النفس النقية.. والعقل الرشيد.. أن تُصارحَ نفسك بين الفينة والأخرى.. وتحدد لنفسك إطاراً تضعها فيه.. وتفتخر بنقاء السريرة.. وسعة الأفق.. وأنا على يقين أن كل واحدٍ منا سيرى بعين المراقب المحايد.. بأن كثيرين منا ممن يتغنون بالوطنيات.. هم أكثر الناس انتفاعا وتصنعا واستنزافا لمقدرات الوطن.. وأن كثيرين ممن يدعون للتراحم بيننا.. هم وللأسف أشد الناس غلظة وتفرقة وتمزيقا بثوب الودود الرؤوم..
فهذه دعوة لأن نصفي سريرتنا ونجعل باطننا ظاهرنا.. ولا نتخلق بأخلاق المنافقين.. وان نضع انفسنا في المكان الصحيح الذي نستحقه واقعا وليس تمنيا.. وان نقيس بمقياس العقل والبصيرة.. لا بالقلب والعاطغة المجردة..
مع اعتذاري الشديد لكم جميعا عن تشت الفكر.. وتبعثر المغزى.. وسطحية الطرح..
حمى الله الاردن مليكاً وشعباً وأرضاً..
ابو الليث..