"بلبلة" تربوية عقب مقال الرزاز.. والوزارة تصر على العالمية
وزير التربية يؤكد أن التحديات كثيرة والطريق طويلة
عمان - جهينة نيوز - فرح شلباية
أثارت كلمات وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز،التي نشرها أمس الاربعاء، تحت عنوان "تطوير الثانوية العامة :تحديات وفرص"، بلبلة في الاوساط التربوية،وتضاربا في الآراء راحت بين مؤيد ومعارض.
حيث تلخصت كلمات الرزاز بحاجة الأردن إلى تحقيق نهضة حقيقية في المنظومة التعليمية وتحديدا مرحلة الثانوية العامة "التوجيهي"،مقرا بوجود تحديات عديدة سواء على صعيد المرحلة الأساسية "الدنيا والعليا" أو على صعيد المرحلة الثانوية .
واستعرض الوزير فيما نشره أهم ثلاثة تحديات تواجه تطوير قطاع التربية والتعليم،جاء في مقدمتها تحدي تقبّل التغيير بحد ذاته،سيما أن الطبيعة الإنسانية تخشى التغيير والخروج عن المألوف، قائلا:"أن الملك عبد الله الثاني حذرفي ورقته النقاشية السابعة وبشدة من هذه الظاهرة، وأخطار المماطلة والتسويف والتأجيل؛ لذا فالمهمة الماثلة أمام الوزارة هي أن المضي قدمًا نحو التغيير في الوقت الذي نستفيد فيه من الحوار والتغذية الراجعة، ليس لتعطيل المسيرة بل لتعظيم المكتسبات والحد من الأخطار".
وأشار إلى أن التحدي الثاني يكمن في الحاجة الملحّة وتحديدا في خِضَمِّ الثورة الصناعية الرابعة ، الانتقال من الفهم السطحي والعابر للمواد إلى التعمق والتخصص والتفكير الناقد والإبداعي، معتبرا الرزاز أنه من الضروري خفض العدد الكبير من المواد التي تطلب من الطلبة؛ وذلك ليتسنى لهم التركيز والتعمق في هذه المواد وبشكل تفاعلي وتطبيقي.
وطمأن الوزير أصحاب الشأن المحذرين من "نتائج كارثية" لخفض عدد المواد من 9 إلى 8 واحتساب 7 مواد في امتحان الثانوية العامة، ودعاهم في ذات الوقت إلى إعادة النظر في الممارسات العالمية بهذا المجال، مبينا أن معظم أنظمة التعليم العالمية في الدول التي تجاوزت الأردن في مؤشرات التعليم تتطلب النجاح في ست مواد في امتحان الثانوية العامة.
ودعا إلى ضرورة التبصّر في مفارقة أن النظام التعليمي في الأردن ،فهومن زمن طويل يعادل شهادات البرامج الدولية بمستوى الثانوية العامة لكافة المدارس الخاصّة في الأردن التي تقدم تلك البرامج بسبع مواد فقط؛ متسائلا :" لماذا نسمح للطلبة الأردنيين في المدارس الخاصة التقدم بسبع مواد في البرامج الأجنبية ونعادلها بالثانوية العامة، ولا نسمح بذلك لطلبتنا في امتحاننا الوطني؟".
وبحسب الرزاز،فقد تمثل التحدي الثالث بالحاجة إلى تخلي أولياء الأمور والمربين عن "سطوتهم" على القرارات المتعلقة بمستقبل الطلبة،والسماح لهم باكتشاف ميولهم المهنية والعلمية، وتعزيز قدرتهم على اتخاذ القرار، وتحمُّل المسؤولية، والتعبير عن أنفسهم ،موضحا ضرورة إشراك الطلبة بالقرارات التي تمسّ مستقبلهم وسعادتهم وتحقيقهم لذاتهم ،مع تقديم الإرشاد المهني والوظيفي وتوفيرالمعلومات ومناقشة البدائل..
واختتم الرزاز كلامه بالقول :"إن التطوير جار ليس فقط على المرحلة الثانوية وعلى امتحان الثانوية العامة، بل على كافة المراحل، وعلى كل مكونات العملية التعليمية، وأهمها المعلم ومهنة التعليم عن طريق نظام مزاولة المهنة والمسار الوظيفي، والبيئة المدرسية الصحية والآمنة، وندرك أن التحديات كبيرة والطريق طويلة، ولكن فرصنا قوية أيضًا والهمة عالية ، وعلينا السير بشجاعة وثقة إلى الأمام، نتعلم من أخطائنا، ونبحث عن الممارسات الفضلى عالميًّا، وندرسها لنستفيد منها لما فيه مصلحة طلبتنا، ونهضة بلدنا".
من جهته أيد نقيب الجيولوجيين الأردنيين صخر النسور، ما كتبه وزير التربية والتعليم حول تطوير مرحلة التوجيهي،داعيا أصحاب الشان والمعنيين بضرورة النظر إلى تطوير المنظومة التعليمية بنظرة ايجابية،وتحديدا قرار الاختيار بين المواد العلمية،لاسيما أن القرار يفسح المجال أمام الطالب في اختيار المواد التي تتواءم مع ميوله ورغباته.
وقال النسورأن التوضيح الذي نشره الوزير حول سلسلة الاجراءات المتخذة من قبل وزارة التربية والتعليم والمتعلقة بتطوير التوجيهي،هو توضيح علمي شمولي نحو المنظومة التعليمية بعيدا عن أي نظرة ضيقة او مصالح فردية ،وأضاف أن صاحب القرار يجب أن يكون مظلة وقادرا على تحقيق التطوير الحقيقي في مجاله.
وعلق على أن قرار التربية في الاختيار هو قرار من شأنه جعل الطالب شريكا حقيقيا في تحديد اختياراته وفقا لميوله،والنقص في مواد التوجيهي العلمية من الممكن تعويضها في مواد استدراكية جامعية بعد الانتهاء من مرحلة التوجيهي والتي باتت معروفة بضغطها وحساسيتها.
واعتبر أن قرارات الوزارة المتخذة قادرة على السير نحو العالمية ، وتحقيق ما دعا إليه الملك عبد الله الثاني في ورقته النقاشية السابعة، كون الاختيارية مقدمة للابداع والتميز، في ظل توجه العالم إلى التخصصية في كافة مجالات الحياة سواء اكانت طبية أو هندسية..إلخ.
وبشأن التحدي الأول الذي اشار إليه الرزاز حول التخوف من التغير ،قال النسور ان التخوف أمر طبيعي ووارد في كافة نواحي الحياة، مبينا أن ما يلزمنا هو تجنب الحكم المسبق على قرارات الوزارة الاخيرة والحكم سلبا عليها دون النظر إليها بشمولية او حتى دراسة نتائجها عقب تطبيقها.
بدوره قال رئيس الجمعية الفيزيائية الأردنية وأستاذ الفيزياء الممارس،الدكتور مروان الموسى، ان إصرار وزارة التربية والتعليم على تغيير نظام التوجيهي وموافقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عليه أو في احسن التحليلات غض النظر عنه هكذا، خطوة لا تصب في اطار تطوير منهاج التوجيهي بل تسهم في تراجع المنظومة التعليمية ومخرجاتها.
وأكد الموسى اصرار الجمعية على موقفها المبدئي برفض قرار الاختيارية بين المواد العلمية لطالب الفرع العلمي،والمستند على اسس وخبرات علمية وطنية وعالمية رصينة أثبتت نجاعتها عبر السنوات الماضية وتحديدا في دول الخليج،واصفا القرار بأنه تراجع خطير على المنظومة التعلمية الأردنية.
وحمل الموسى وزارة التربية والتعليم المسؤولية الكاملة بالتراجع العلمي والإيذاء للطلبة واهاليهم والنفقات الباهظة التي ستترتب على القرار والمساقات الاستدراكية وعدم قبول الشهادة الأردنية من قبل بعض الدول، سيما أن لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب حذرت من وجود المئات من الشكاوى حول رفض الشهادة الأردنية في الخارج قبل 20 عاما .
واستغرب في حديثه مع "الانباط ادعاء مسؤولي وزارة التربية باستشارة وموافقة الكليات العلمية في الجامعات الأردنية وأقسامها الأكاديمية على التغييرات،إلا أنه في حقيقة الأمر لم يحصل ذلك، في حين أن ذات الأشخاص قالوا في احد اللقاءات السابقة ان لا داعي لتدريس الحاسوب في المرحلة الثانوية لان الطالب في الصف الأول ابتدائي هذه الأيام يعرف بالحاسوب أكثر من خريج بكالوريوس حاسوب،مما يقف في طريق تعيين وتوظيف خريجي الحاسوب، بحسب الموسى .
وناشد رئيس الجمعية الطلبة والأهالي وأساتذة المدارس والجامعات بالوقوف صفا واحدا لإقناع وزارة التربية بالتراجع عن هذا القرار مؤكدا ان الجمعية ستبذل قصارى جهدها لتجميد القرار الذي يبدو تسهيلا ولكنه في حقيقة الأمر هو إيذاء للعلم ،وطالب بتأجيل انفاذ القرار لمدة عام للقيام بدراسة علمية حقيقية يشارك بها خبراء.
منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" الدكتور فاخر الدعاس استهجن مانشره الرزاز،واعتبر أن لا جديد فيما كتبه الوزير،وقال من الضروري قبل تطبيق الانظمة العالمية على النظام التعليمي الأردني،دراسة النظام الحالي لتسليط الضوء على سلبياته وايجابياته .
وأضاف على الوزارة أن تقدم دراسة شاملة تبين مساوئ النظام المعمول به لتسليط الضوء على النقاط المتسببة بفشله ،قبل اتخاذ أي قرار بالتطوير او التطبيق أو التغيير،متحديا ان الوزارة لم تقم بهذا الاجراء قبل اتخاذ قرار "الاختيارية".
وقال أن التربية لم تحدد نقاط الضعف بنظام الدورتين الحالي،ولم تبرر سبب اتخاذ قرار الدورة الواحدة وتقليص عدد المواد واختياريتها ، فيما لم توضح مسببات نسب الرسوب المرتفعة في مرحلة الثانوية العامة "التوجيهي" ،سواء اكانت ضعفا من الطالب نفسه أو زخم المواد الدراسية أو حتى عدم كفاءة المعلم، متسائلا عن الاسس التي بنت عليها في الحكم على بعض المواد أن تكون اختيارية واخرى اجبارية.//