banner
مقالات مختارة
banner

النّوروْز.. "عصر الربيع والعدالة التاريخية"

{clean_title}
جهينة نيوز -
الأكاديمي مروان سوداح
لا يَعني "يوم النّوروْز العالمي" أنه عيد للربيع فحسب، إنما هو تثمين لهِبة الروح - الحياة المُقدّسة في الإنسان والكائنات، وهدايا المَولى عز وجل في منحنا الدفء المُتجدِّد ونور الشمس والحياة الأبدية. والنّوروْز يَشي كذلك بنهكة خاصة لدى الأجداد والجدات المُحْتَفين بحلول اليوم الأول من فصل الربيع، الذي هو في جوهره "تجديد الطبيعة والكيانية". وعيد النّوروْز أيضًا عيد رسمي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقرارها رقم A/RES/64/253 لعام 2010، وتم التصويت عليه بمبادرة من مجموعة الدول المُشارِكة في هذا العيد. زد على هذا، أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" ضمّت في عام 2009 عيد النّوروْز إلى قوائمها الممثلة للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، باعتباره تقليدًا ثقافيًا يَحتفل به العديد من الشعوب والأمم والقوميات والأقوام في الشرق والغرب والشمال والجنوب العالمي، وفي أُردننا العزيز الحبيب أيضًا، لأن مناسبة العيد تأكيد لعراقة تقاليد هذه القوميات وثقافاتها ولغاتها وعاداتها الموروثة منذ القِدم، والتي صارت أعمدة لبُنيانها المُعَاصِر. طقوس النّوروْز هي استعادة لمجد الماضي الذي يعيش في الحاضر ويُثريه من خلال تبادلية القِيم الإنسانية والسلمية، وتقاطعاتها الآمنة والرافضة للحروب والنزاعات والبغضاء.
الإنسان يَحتفل ويُغني ويَرقص ويَزهو في الأفراح، وهو الكائن الوحيد العاقل والحكيم وصاحب الروح الأبدية. لكن المخلوقات الأخرى من نباتٍ وجمادٍ وحيوانٍ وطيرٍ وغيرها، إنما سُخّرِت ربانيًا لحياة الإنسان، ولأجل أن تبقى حيّةً، وللمساهمة بمساعدة بني آدم في مسيرتهم الحياتية. الإنسان يُدرك معنى النّوروْز وأبعاده فيحتفي به لأنه تجديد لنور الحياة، وتعظيم لها ولديمومتها في كيانه المادي.
ولهذا، نرى في النّوروْز مناسبة تزخر بالضياء والبهاء وتجذير لأفكار الأخوّة الأرضية، من أجل وِحدة الجماعة الأممية. النّوروْز يَعني أيضًا يومًا جديدًا وسنةً جديدة وصولًا إلى دهور متجددة بالعطاء، وتخليق الإبداع، وتقديم الأنفع والأجدى للبشر. ولهذا، يَحتفي به منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام متواصلة، مئات ملايين البشر في شتى أصقاع المَعمورة، ضمنها القوقاز، البلقان، حوض البحر الأسود، آسيا الوسطى وبلدان "الشرق الأوسط"، ومناطق أخرى عربية وإسلامية عريقة، وواحدة من أقرب الدول الإسلامية إلينا هي الشقيقة جمهورية أذربيجان، التي نصل إليها بخط طيران مباشر من عمّان إلى باكو القزوينية، خلال تناولنا وجبة غداء على متن الخطوط الجوية الأذربيجانية "أزال"، التي كان يجب أن تقوم برحلتها الأولى إلى عمّاننا، قُبيل تفشي كوفيد/19، ليتم تأجيل الافتتاح الذي إتَّفق عليه جلالة الملك عبدالله الثاني وفخامة أخيه الرئيس إلهام علييف حفظهما الله، إلى وقت آخر، نتمنى ونرجو ونتطلع أن يكون قريبًا جدًا.
النّوروْز هو عيد لكل النجاحات التي يجترحها الإنسان والدول من أجل الحياة السلمية وثقافة السلام والتعايش. ولهذا بالذات، احتفلت دول وشعوب كثيرة بالعيد إلى جانب دولة أذربيجان تعظيمًا لجهودها في إحلال السلام والأمان على أراضيها المحرَرة من الاحتلال الأرميني الذي دام نحو ثلاثة عقود. فمدينة شوشا التاريخية الشهيرة، والتي هي مهد ثقافة الشعب الأذربيجاني وعاصمته الثقافية، تشهد منذ نحو أسبوع احتفالات متواصلة، نستذكر وإيّاها الوعد الذي قطعه الرئيس إلهام علييف باسترجاعها وتكنيس الإحتلال الأجنبي عن ترابها، واستعادة وحدة أذربيجان الإقليمية في قره باغ، إذ وَصَفَ فخامته هذا الحدث بالتاريخي والسعادة العظيمة، وأضاف علييف: عُدنا إلى شوشا.. وها نحن مُحتفلون بعيد النّوروْز الآن في مضمار شوشا، بعد أن استعدنا العدالة التاريخية، ولن نسمح بمسح تراث الشعب الأذربيجاني فيها من جديد. شوشا هي أذربيجان! قره باغ هي أذربيجان!"
تابعو جهينة نيوز على google news