الدكتور خيرو العرقان يكتب : في إجراءات الحظر .. و”المرونة” المطلوبة
جهينة نيوز -لربما من نافلة القول أننا ندعم، وبدون مواربة، كل الاجراءات التي يتم اتخاذها للحفاظ على صحة المواطن، فهذا موضوع لا يناقش لأن صحة المواطن هي العمود الأساس الذي ترتكز عليه كل الأوطان، فإذا ما تعافى المواطن، فإن الوطن يكون متعافي.
وفي ذات الوقت فإننا كنا، وما زلنا، نطالب بأن يكون هناك مرونة في هذه الاجراءات لتوازن ما بين الصحي والاقتصادي، خصوصاً في بلد محدود الموارد مثل الأردن، ومع مدى التأثير الكبير الذي لحق بالاقتصاد، وبكل عائلة أردنية جراء الاغلاقات التي خضنا تجربتها لأكثر من مرة، تارة باللجوء الى الحظر الشامل، وتارة الحظر الجزئي، وفي تجربة أخرى "حظر الجمعة الشامل”، فإنه لا بد من تسليط الضوء على "اختلالات” يجب تصحيحها.
وهنا سأتحدث عن تجربة شخصية شاهدتها بأم عيني، فبالأمس، وأثناء توجهي من محافظة إربد باتجاه المفرق، تفاجأت بالعدد الكبير من المركبات التي تم توقيفها من قبل احدى الدوريات، وكانت الساعة بحدود العاشرة والربع، أي بعد مضي ربع ساعة فقط على دخول الحظر الجزئي تِبعاً للقرار الذي اتخذته حكومة بشر الخصاونة مؤخراً، وهنا، وإذا ما دققنا في المشهد، فإن هؤلاء كانوا لربما في أعمال لهم وأنهوها في عمان وكانوا في طريق عودتهم الى محافظتهم، وكل منهم يتوجه الى مكان سكناه، وهذا الحال ينطبق على كثيرين ممن يغادرون العاصمة ويتوجون الى المحافظات بشكل يومي، فهل يعقل مثلا أن تتم مخالفتهم لاختراقهم الحظر وهم في طريق العودة وليس هدفهم خرق الحظر؟!
وهنا أقول أنه لا يجب أن يتم توقيف أو مخالفة من يسيرون بمركباتهم على الطرق الخارجية على وجه الخصوص بعد دخول موعد الحظر، فلا اكتظاظ يستوجب أن يُعاقبون عليه، ولا في نيتهم مخالفة الحظر.
وغير ذلك، فإننا لربما نفترض أن شخصاً ما قد تعرض أثناء عودته الى منزله لأي عارض مثل تعطل مركبته، أو وقوع حادث أو لأي أمر آخر، وتأخر الى ما بعد ساعة دخول الحظر، فهل هذا يمكن أن يعتبر بأنه قد خرق الحظر أيضاً؟!
وفي ذات السياق، فإن هناك جانب آخر من الصورة قد لا تنتبه له الحكومة، خصوصاً في القرى والمناطق النائية، فمعظم الناس هناك يمتلكون مصالح معينة مثل مزارع دواجن وما شابهها، وهذه من الاستثمارات التي تتطلب متابعة خاصة تختلف عن باقي الاستثمارات، فلماذا لا يُنظر لهؤلاء بطريقة مختلفة ويتم ايجاد حلول لهم تكفل استمرارية استثماراتهم، وبالمقابل عدم تعرضهم لمساءلة "كسر الحظر”؟!
كما أن القرى على وجه التحديد، ولخصوصيتها في عدم "الاكتظاظ”، ووجود استثمارات فيها يمكن وصفها بـ "البسيطة” مثل "دكان” صغير يعتمد عليه السكان في التموين، يتوجب أن لا تُعامل معاملة المدن الكبرى المكتظة و”المولات”، وهذا ما يمكن أن يقودنا الى الحديث عن تنمية القرى والأرياف والمناطق النائية، فمن يعيشون فيها مواطنون أردنيون لا يختلفون عن سكان المدن، وهذا ما يجب أن تسمعه الحكومة، وبشك واضح حتى تقوم بواجبها تجاه هؤلاء الناس، وهذا ملف آخر سنتحدث عنه بتفاصيل أكثر.
ختاماً، نعود ونؤكد، بأننا مع اجراءات الحفاظ على صحة الناس والوطن، لكن لا بد من التعامل كذلك بروح الاجراءات كما يتعامل القاضي العادل "بروح القانون” وأن تكون هناك أكثر "مرونة” للتسهيل على الناس وليس مخالفتهم فقط.
الدكتور خيرو ارشيد العرقان