اضطراب الهوية التفككي.. الأسباب والأعراض والعلاج
تتحدث نشرة معهد العناية بصحة الأسرة، مؤسسة الملك الحسين، اليوم الجمعة، عن اضطراب الهوية التفككي أو تبدد الشخصية، مقدمة التعريف الدقيق والتفسير العلمي لهذا المرض.
وتبين النشرة، التي جاءت بمناسبة اليوم العالمي لاضطراب الهوية التفككي، الذي يصادف في الخامس من آذار كل عام، أعراض الاضطراب، وتُفسّر بعض الشخصيات البديلة التي يتخذها المصابون، إضافة إلى أنواع العلاج الذي قد يحتاج إلى فترة طويلة.
ما هو اضطراب الهوية التفككي؟
هو واحد من الاضطرابات الأكثر إثارة للجدل والمعترف به في ميادين علم النفس. والناس الذين يعانون من هذا الاضطراب يكون لديهم أكثر من هوية أو شخصية مميزة، والعديد يكون لديهم أكثر من إثنتي عشر شخصية، كل شخصية لديها وسائل مختلفة لإدراك العالم، وتسيطر على كل سلوك الفرد على أساس منتظم.
يبلغ متوسط عمر الشخص عند بداية ظهور الأعراض نحو 23 سنة، والأغلبية كانوا مشخصين بأمراض نفسية أخرى كالاكتئاب ولديهم تاريخ من الإساءة العاطفية والجسدية أو الجنسية في مرحلة الطفولة.
الأنواع الأخرى من الصدمات النفسية التي ارتبطت مع تطوير اضطراب الهوية التفككي تشمل الاختطاف، والكوارث الطبيعية، والحروب، والمجاعة، والاضطهاد الديني. ويمكن لهذه الشخصيات البديلة أن توفر السلامة والأمن، حيث أنهم لا يتلقون ذلك من القائمين على رعايتهم.
إن الشخصيات البديلة في هذا الاضطراب تكون مختلفة للغاية عن بعضها بعض، مع تعابير وجه خاصة، وخصائص للحديث، واستجابات فسيولوجية، وإيماءات، وأساليب علاقات شخصية واتجاهات مختلفة. والغالبية العظمى من المصابين بهذا الاضطراب هم من الاناث البالغات واللواتي يملن إلى وجود شكاوى جسدية والانخراط في سلوكيات انتحارية، أما الذكور المصابون باضطراب الهوية التفككي فيبدو أنهم أكثر عدوانية من الإناث المصابات بهذا الاضطراب.
الأعراض:
ومن أهم الاعراض لهذا الاضطراب :
- وجود اثنتين أو أكثر من الهويات المتميزة أو حالات الشخصية (كل واحدة منها لها نمط دائم نسبيا من الإدراك، والارتباط والتفكير بالبيئة والذات): إن الأعراض الأساسية في اضطراب الهوية التفككي هو وجود واضح لشخصيات متعددة ذات صفات متميزة، ويشار إليها بالشخصيات البديلة (alters). ويمكن لهذه البدائل أن تتخذ أشكالا عديدة وتؤدي العديد من المهام، منها:
1. شخصية الطفل (Child alters): يتخذ بعض المصابين بدائل شخصية لطفل (Child alters) وهي أكثر الأنواع شيوعا من بدائل الشخصية.
2. الشخصية المضطهدة: في هذا النوع ينخرط الشخص في سلوكيات خطيرة، مثل أخذ جرعة زائدة من حبوب منع الحمل.
3. الشخصية الحامية أو المساعدة: وظيفة هذه الشخصية هو تقديم النصيحة إلى الشخصيات الأخرى أو القيام بمهام شخصية يكون المضيف غير قادر على القيام بها، مثل الانخراط في علاقات جنسية أو الاختباء عن الآباء والأمهات المسيئين.
- فترات طويلة من فقدان الذاكرة: يحدث فقدان الذاكرة بالكامل عندما تكون الشخصيات الأخرى مسيطرة، في هذه الحالات، فإن إحدى الشخصيات تكون واعية لما تقوم به الأخرى ولكن الشخصية الثانية تفقد الذاكرة بالكامل لفترات عندما تسيطر عليها الشخصية الأولى.
- يسيطر ما لا يقل عن اثنين من هذه الهويات أو حالات الشخصية على سلوك الفرد.
- عدم القدرة على تذكر المعلومات الشخصية الهامة بحيث لا يمكن تفسيرها من خلال النسيان العادي.
- السلوك المدمر للذات: وغالبا يتطلب العلاج، ويشمل هذا السلوك حروق مفتعلة ذاتيا أو إصابات أخرى، وتعاطي جرعات زائدة.
- المشكلات السلوكية والعاطفية عند الأطفال: حيث يكون أداؤهم غير منتظم، أحيانا يكون جيداً جدا وأحيانا سيئاً للغاية. وهم عرضة للسلوك المعادي للمجتمع، مثل السرقة، وافتعال الحريق والعدوانية، كما قد ينخرطون في علاقات جنسية غير مشروعة أو تعاطي الكحول والمخدرات. كما يميلون إلى إظهار كثير من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وفرط التيقظ وذكريات الماضي لصدمات عانوا منها، وكوابيس مؤلمة، وردود فعل لمفاجئة مبالغ فيها، كما يعاني الأطفال المصابون من مشاعر غير مستقرة، بالتناوب بين نوبات من الغضب المتفجرة، والاكتئاب العميق والقلق الشديد.
تفسيرات اضطراب الهوية التفككي:
تشير العديد من نتائج الدراسات لاضطراب الهوية التفككي إلى أنها نتيجة لاستراتيجيات التكيف التي يستخدمها الأشخاص الذين يواجهون صدمة لا تحتمل، في معظم الأحيان تكون الاعتداء الجنسي أو البدني على الأطفال، كما يحدث مع الفتاة الصغيرة التي تعرضت للإساءة الجنسية من قبل والدها فتحاول التكيف لإبعاد نفسها عن المشاعر الساحقة التي اختبرتها.
العلاج:
يحتاج علاج اضطراب الهوية التفككي لفترة طويلة. والهدف من العلاج هو تحقيق التكامل بين جميع الشخصيات المتغيرة في شخصية واحدة متماسكة.
ويتحقق هذا التكامل عن طريق تحديد وظائف أو أدوار لكل شخصية، ومساعدة كل شخصية على المواجهة والعمل من خلال الصدمات التي أدت إلى الاضطراب والمخاوف التي تكون لدى الفرد أو التي يظهرها، والتفاوض مع الشخصيات المتعددة للانصهار في شخصية واحدة تتعلم أساليب التكيف والتعامل مع الضغط. ويعد العلاج المعرفي السلوكي، والعلاج السردي من الاساليب الفعالة مع هذا الاضطراب للتخلص من الخبرات الصادمة التي يعاني منها المصابون بهذا الاضطراب.