banner
مقالات مختارة
banner

كتب محمود الدباس.. العشائرية بين التعظيم والتهميش.. وهل لها دور في الفساد الذي نلمسه؟!..

جهينة نيوز -
موضوع حساس.. تتشابك فيه كل العلاقات والتشعبات من نواحي عدة.. سياسية واجتماعية وحتى إقتصادية..
اطرق هذا الموضوع وهو ليس بالجديد ولست اول من طرقه.. ولكنني حينما ارى ان هناك من يرمي النظام العشائري بأنه سبب اساس في الفساد وتعاظمه.. ويعزون ذلك للتعامل مع بعض المفاهيم مثل "انصر اخاك ظالما او مظلوما" بتفسيره الخاطئ.. وأيضا "وهل أنا إلا من غزيّة إن غوت.. غويت و إن ترشد غزيّة أرشد".. فتجد ان البعض يستغل هذه الشعارات.. ويركب موجة الفزعة والحمية والنخوة الاصيلة والتي انجبل عليها ابناء عشيرته ليحقق مكتسبا شخصيا.. او ليحتمي بهم من ان تطاله يد القانون.. معللا ان هناك استهدافا ليس له شخصيا.. وليس لما اقترفه من فساد او جرائم.. وانما استهداف لعشيرته باسرها..
ومن ناحية اخرى.. لا بد ان اشير الى الوقفة الحقة.. والفزعة الشريفة المحمودة والمطلوبة من اي عشيرة او عائلة لابنها إن تعرض لظلم او سلب حق.. ويكون ذلك ضمن الضوابط والانظمة والاعراف والتقاليد التي تربى عليها ابناء هذا الوطن الغالي.. فالانسان يشد عضده باخيه.. ورفع الروح المعنوية لدى المظلوم مطلوبة ومهمة.. حتى يستطيع الوقوف امام من ظلمه..
ومن هنا أجد الناس قد انقسمت الى قسمين..
- فمنهم من يقول بأن سبب ما نحن عليه من تراجع وفساد هو العشائرية..
- ومنهم من يقول بأن سبب ما نحن عليه من تراجع هو البعد عن العشائرية..
قبل أن أقول رأيي في هذين الطرحين.. أرجوا أن يتسع صدر من يقرأ.. وأن يعلم بأنني أود أن أضع أرضية لتشريح الموضوع.. لعلنا نجد مَن هم أخبر منا لتحليله بشكل عميق ودقيق..
وهنا لابد من الاشارة الى أن أكثر من ٩٥% من مكونات الشعب الأردني.. أكانت ذات أصول عربية أو غير عربية.. هي بالأساس عشائرية النزعة والتكوين.. فإما من الجزيرة العربية أو بلاد الشام وبلاد الرافدين وحتى بلاد القفقاس.. فكلها مرتكزة إرتكازا عشائريا.. ومتمسكة به باساليب واشكال ومستويات عدة..
أي أن الجميع دون استثناء.. ليسوا كمثل نبات الفطر (الفقع) خرجوا من الأرض دون أصل أو جذر.. وكأن هذه الارض الطيبة المباركة لا تقبل الاستقرار على ظهرها.. الا لمن جيناته عشائرية.. وفطرته ترابطية اجتماعية اصيلة..
وحتى لا أتشعب وأطيل في الحديث.. وأيضا لا أختزل الموضوع.. سأتحدث بالمختصر المباشر..
فالعشائرية في ظل المجتمع العشائري الذي نعيش ونفتخر فيه.. هي أساس تكوين المجتمع ولا يمكن تجاهله.. وهي ذلك الارث الذهبي الذي حفظ النسب..
والابتعاد عنه في الأمور الإجتماعية قد يسبب خللا كبيرا وعواقبه ليست بالبسيطة..
والعشائرية في ظل المجتمع المدني والمتحضر الذي نحتكم إليه.. سبب رئيس في تراجع الأردن وعدم تقدمه.. وأعني هنا في المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية والرياضية وما إلى ذلك..
فعندما نعلم أن هناك محاصصة مناطقية أو عشائرية في المناصب القيادية.. وتكون عملية الإرضاء وأخذ الخاطر والمحسوبية هي الأساس دونما النظر للكفاءة.. فلنقرأ على وضعنا السلام..
وعندما يصل الوضع حتى إلى تركيبة المنتخب الوطني بأن يكون من النادي الفلاني ٤ لاعبين والنادي العلاني ٣ لاعبين وما إلى ذلك.. فلنقرأ على وضعنا السلام..
فيا من تقول وتنادي بأن البعد عن العشائرية أدى إلى ضياع وتأخر البلد -علماً بأنني لم أر هذا البعد-.. أقول عليك إذاً أن تعطي لكل عشيرة او عائلة حقها..
فعلى سبيل المثال.. لا يجب علي أنا كإبن عشيرة الدبابسة -التي أفتخر وأتشرف بها-.. والتي لا يزيد عدد أفرادها عن ٢٥ الف شخص.. أن أقارن مكتسباتي التي أرنو إليها مع إبن قبيلة بني حسن المليونية.. أو بني صخر.. أو بني قيس.. أو الشراكسة المتوحدين تحت مجلس عشائري واحد.. وحتى لو قلتم انني اقارن قبيلة بعشيرة او عائلة.. أقول.. ليس ذنبهم أنهم توحدوا وتجمعوا وأصبحوا تحت إسم واحد..
فمن هنا سنجد ان العشائرية والمناداة بها يجب أن لا تتعدى الأمور الإجتماعية بكل ما فيها من تداخلات.. فهي صمام الأمان المجتمعي.. وهي الرابط المقدس الذي يجمع ولا يفرق.. وهي الداعم الفعال لتطبيق النظام المدني.. وهي السند القوي لقواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية..
وأما السياسة والإدارة والقيادة فيجب أن ننادي بأن تكون للأكفأ والأنسب والأحق بحمل أمانتها.. فإن كان من عشيرتي او عائلتي.. فهو شرف وفخر لنا.. وإن كان من عشيرة او عائلة أخرى.. فسوف انظر له بأنه الرجل المناسب في المكان المناسب.. والذي لن يحابي احدا على حساب احد..
أرجو المعذرة لعدم إعطاء الموضوع حقه من الحديث.. ولكن آثرت التوقف والإكتفاء بما طرحت.. تاركا لكم الحكم على ما تشاهدون على ارض الواقع من تصرفات..
حمى الله الأردن ملكا وشعبا وأرضا..
أبو الليث..
تابعو جهينة نيوز على google news