صدور كتاب الطوبونيميا النبطيَّة: دراسة في أسماء المواقع الجغرافيَّة
ويتألف الكتاب، الواقع في 293 صفحة من القطع الوسط، من مقدِّمة وثلاثة فصول، خُصِّص الفصل الأوَّل منه لمناقشة أسماء المواقع الجغرافيَّة الواردة في النقوش والبرديَّات النبطيَّة، ورُتِّبت الأسماء كلُّها ترتيبًا أبجديًّا، ودُرس كل اسم منها على حدة دراسة لغويَّة وجغرافيَّة، مع إيراد لمحة تاريخيَّة عن أهميَّة كل موقع من هذه المواقع موضوع الحديث، اعتمادا على ما ذُكر عنها في المصادر التاريخيَّة من ناحية، وما كشفت عنه المسوحات والتنقيبات الأثريَّة من ناحية أخرى.
وتطرق الفصل الثاني لدراسة وتحليل الأسماء المنسوبة إلى مواقع جغرافيَّة، في حين اشتمل الفصل الثالث على دراسة لأسماء المواقع النبطَّية الواردة في المصادر التاريخيَّة القديمة. وأوضح الدكتور السلامين أن خاتمة الكتاب سُجِّلت فيها أهم النتائج التي خلُصت إليها هذه الدراسة، كما أُرفقت ملاحق اشتملت على مسرد بالأسماء التي تناولها البحث، بالإضافة إلى عدد من الخرائط التوضيحيَّة، كما تضَّمن الكتاب في نهايته قائمة بالمصادر والمراجع التي استعين بها في هذا البحث، وأسماء الأماكن كجزء من ذاكرة الشعوب، باعتبار أنَّ دراستها تزوِّدونا بمعلومات عن الطبيعة الجغرافيَّة والطوبوغرافيَّة والجيمورفولوجيَّة للمكان وبيئته القديمة، وتمُدُّنا مثل هذه الدراسات بمعلومات إضافيَّة عن مراحل السُّكنى البشريَّة فيه وتنوِّعها. كما تمثِّل جزءًا أصيلًا من موضوع دراسة الجغرافيا التاريخيَّة القديمة، ولها أهميَّة لا يمكن إغفالها في الأبحاث التي تُعنى بدراسة اللغات واللهجات القديمة وعلم اللغة المقارن، وهي أكثر ما تكون وصفًا لطبيعة الأرض والمكان، وهذا الوصف يلازمها ولا يتغيَّر في الغالب.
وبينت الدكتورة القنانوة أن هذه الدراسة تُعدُّ من الدراسات الأولى باللغة العربيَّة، إذ اتَّكأت على المادة اللغويَّة التي تضمَّنتها مخطوطات البحر الميِّت؛ واستشهد في غير قليل من الحالات بما ورد في مخطوطات البحر الميِّت من أسماء المواضع، وتتبُّع الصيغ وتطوِّرها ومقارنتها بالصيغ الواردة في العهد القديم العبري وترجماته في بعض الأحيان، مستعينين في أحيان أخرى بالصيغ اللغوية الواردة في مخطوطات البحر الميِّت، والتي تشترك في جذرها اللغوي مع أسماء المواضع موضوع البحث. وبرزت في هذا الكتاب أهميَّة ما أضافته المادَّة المعجميَّة لمخطوطات البحر الميِّت للدراسات اللغويَّة التاريخيَّة المقارنة، وبيَّن أهميَّة الالتفات للمصادر التاريخيَّة الكلاسيكيَّة التي تناولت بلاد العرب وشعوبها بإسهاب تارة وباختزال تارة أخرى؛ إذ تعين مثل هذه المصادر في رسم صورة أوضح للسياقات التاريخيَّة والحضاريَّة التي لا تستطيع الكتابات القديمة وحدها سدَّ الثغرات فيها.
يشار إلى أنَّ مخطوطات البحر الميِّت، بما تحمله من مضامين لغويَّة ودينيَّة وحضاريَّة تقع في السياقين الزمني والجغرافي نفسيهما للكتابات النبطيَّة، كما أنَّ كهف الرسائل حيث عُثر على عدد من البرديَّات النبطيَّة يقع غير بعيد عن الكهوف التي وُجدت فيها مخطوطات البحر الميِّت.
--(بترا)