banner
كتّاب جهينة
banner

الموقف الشعبي الشرق اردني من مشروع روتنبرغ في الباقورة الاردنية

جهينة نيوز -

 

د. عصام الغزاوي

 

قبل حوالي مائة عام وتحديداً في 21 ايلول عام 1921 منحت سلطات الانتداب البريطاني شركة الكهرباء الفلسطينية المملوكة لبنحاس روتنبرغ، أحد قادة الحركة الصهيونية ومؤسس الفيلق اليهودي في الحرب العالمية الاولى وعصابات الهاغاناه الصهيونية لاحقاً، ومؤسس المركز اليهودي الامريكي، حق امتياز توليد الطاقة الكهربائية بإستخدام مياه نهري الأردن واليرموك فيما عرف لاحقاً بمشروع روتنبرغ ، بهدف ظاهري إنارة مدن فلسطين وشرق الأردن بينما كان للمشروع اهداف خفية استيطانية وكان أحد السبل التي استخدمتها الحركة الصهيونية من أجل استقطاب يهود العالم وتهجيرهم إلى فلسطين.

 طلب المعتمد البريطاني في عمان (كوكس) من رئيس الوزراء الأردني علي رضا الركابي آنذاك ان يصادق على المشروع لكنه رفض وقدم استقالته فشكل بعده خالد ابو الهدى حكومته الثّانية (المجلس التنفيذي لشرق الأردن) الذي وافق على المشروع بتاريخ 5 آذار 1927 رغم الرفض الشعبي له، فقد اثار المشروع منذ بداياته إستياء الرأي العام الاردني الذي اعتبره مقدمة للهجرة والإستيطان الصهيوني، وتداعت الزعامات الوطنية الى عقد اجتماع في عمان حضره شيوخ الكرك وإربد ومعان والبلقاء وشيوخ القبائل البدوية اعلموا فيه الحكومة انهم لا يعترفون بأية معاهدة تعقدها، واحتجوا لدى المندوب البريطاني الذي أجابهم انهم لا يملكون القرار لان البلاد مستقلة ادارياً وليست مستقلة سياسياً.

 بدأت الحركة الوطنية معارضة شعبية وطنية لرفض المشروع في كافة انحاء البلاد، وبدأت بتنظيم الإحتجاجات والمقاومة الشديدة على المستوى الشعبي، وقاطع الأهالي الكهرباء المقرر إيصالها إلى مدنهم عن طريق شراء واستخدام مولدات خاصة، وشهدت مدينة إربد في نيسان 1927 موجة احتجاجات شعبية عارمة للتنديد بالمشروع، وأعرب الأهالي عن استعدادهم لجمع ثمن الأرض وتقديمه للحكومة لإلغاء البيع وإسترداد الارض، وقامت مظاهرات في كل أنحاء شرق الأردن وخصوصا السلط إثر توجه أنظار الحركة الصهيونية لاستئجار غور كبد، ورفض أهالي الكرك وعجلون المشروع ونددوا به، وأبدى المجلس التشريعي الأول معارضة شديدة للمشروع واعتبروه "مشروعا صهيونيا محضا لم تكن الحكومة مجبورة على إدخاله للبلاد" .

الا ان الحكومة رضخت لضغوطات المعتمد البريطاني وأقرّت الامتياز ومدته سبعون عاماً بتاريخ 8 كانون الثاني عام 1928، وفي 6 حزيران من العام نفسه، أقر (المجلس التنفيذي) بيع ستة آلاف دونم لشركة روتنبرغ في الأراضي المجاورة لمركز المشروع بسعر ثلاثة جنيهات للدونم، ووافق المجلس على طلب الشركة بإنشاء قرية في الأراضي الواقعة عند ملتقى نهري الأردن واليرموك بالقرب من جسر المجامع وسميت بإسمه وكانت تتبع الى لواء اربد اداريا.

 في الواقع لم يكن المشروع بحاجة إلى ستة آلاف دونم فباع روتنبرغ هذه الأراضي للوكالة اليهودية رغم ان عقد البيع، المحفوظ في دائرة الأراضي والمساحة بمدينة إربد، يشترط ألا يتم التنازل عن هذه الأراضي لأي جهة كانت، وأن تعود المساحة الزائدة للحكومة الأردنية ويسترد روتنبرغ ثمنها.

 ظل الانتداب البريطاني مصراً على تنفيذ المشروع، وهيأ الظروف الأمنية المناسبة للقائمين عليه، فاكتمل عام1931، وبدأ تشغيله الفعلي عام 1936، خلال حرب 1948 قصف الجيش العراقي منشآت المشروع، كونه كان يقع في قاطع العمليات العسكرية العراقية، وقامت القوات الإسرائيلية بنسف جسر المجامع لكي تعيق تقدم القوات العراقية التي تمكنت من تحرير منطقة المشروع، غير أن مديره كان قد قام بنسف المنشآت قبل انسحابه مما أدى إلى تخريبها.

 في عام 1950 احتلت القوات الإسرائيلية اراضي الباقورة وبقيت فيها حتى انسحبت منها عام 1994 بموجب اتفاقية وادي عربة .//

تابعو جهينة نيوز على google news