عمليات اجلاء المسلحين والمدنيين مستمرة من جنوب الغوطة الشرقية
الغوطة الشرقية – ا ف ب
دفعة جديدة من المدنيين والمسلحين خرجت امس الاثنين من جنوب الغوطة الشرقية استكمالاً لاتفاق اجلاء ترعاه روسيا، في وقت تستمر المفاوضات بشأن مصير دوما، آخر معقل للفصائل في المنطقة.
وتشكل خسارة الغوطة الشرقية التي حاصرها الجيش العربي السوري بشكل محكم منذ العام 2013 واستهدفتها بهجوم عنيف منذ 18 شباط/فبراير، ضربة موجعة للفصائل المعارضة تعد الاكبر منذ خسارة مدينة حلب نهاية العام 2016.
وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا ثم فيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية، الى اتفاقين تم بموجبهما اجلاء آلاف المسلحين والمدنيين الى منطقة ادلب (شمال غرب)، في عملية من شأنها أن تحكم قبضة قوات النظام على كامل الغوطة الشرقية بعدما باتت تسيطر على اكثر من تسعين بالمئة منها.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) امس الإثنين عن "تجهيز 28 حافلة تقل 1835 شخصا بينهم 421 مسلحا من جوبر وزملكا وعربين وعين ترما في الغوطة الشرقية تمهيدا لنقلهم إلى إدلب".
وأكد الناطق باسم فيلق الرحمن الذي يسيطر على هذه البلدات وائل علوان لفرانس برس أن عملية الاجلاء متواصلة من جنوب الغوطة بموجب الاتفاق مع الجانب الروسي.
وأضاف "لا أعداد واضحة لدينا، المتوقع خروج سبعة آلاف من امسلحين والعسكريين ومعهم أهاليهم وجزء من المدنيين، وقد يصل العدد الى نحو ثلاثين ألفاً".
وكان التلفزيون السوري الرسمي قدر الجمعة عدد الخارجين بسبعة آلاف شخص من المسلحين وافراد عائلاتهم.
وتعد القافلة التي تستعد الاثنين للتحرك الثالثة التي تخرج من جنوب الغوطة الشرقية حيث تم في اليومين الماضيين اجلاء أكثر من 6400 شخص.
- اشراف روسي-
وتشرف روسيا مباشرة على تنفيذ عملية الاجلاء. وتتوقف الحافلات بعد خروجها من ممر عربين عند نقطة تجمع في حرستا، حيث ينتشر ضباط وعناصر روس وفق ما شاهد مراسل فرانس برس. ويستقل عنصر من الشرطة الروسية كل حافلة حتى وصولها الى مناطق سيطرة الفصائل في قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي.
ووصلت بعد ظهر امس الاثنين الى قلعة المضيق عشرات الحافلات التي انطلقت بعد منتصف الليل من جنوب الغوطة الشرقية، حيث كان بانتظارها عشرات المدنيين ومنظمات غير حكومية ومحلية، وفق ما أفاد مراسل فرانس برس.
وقال أبو ليث الذي خرج قبل عشرة أشهر بموجب اتفاق اجلاء من حي القابون في شمال دمشق أثناء انتظاره وصول الحافلات "أنتظر أهل زوجتي بعدما كانوا محاصرين في عين ترما" مضيفاً "ننتظرهم منذ مساء أمس بفارغ الصبر. اشتقنا لهم كثيراً".
وتعرضت الغوطة الشرقية منذ 18 شباط/فبراير لحملة عسكرية عنيفة، تمكن خلالها الجيش السوري من تضييق الخناق وبشكل تدريجي على الفصائل وتقسيم مناطق سيطرتها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، ما دفع بالمسلحين الى القبول بالتفاوض مع روسيا.
وفي كل عملية اجلاء، يتكرر المشهد في الغوطة الشرقية حيث لا يتمكن بعض الأهالي من حبس دموعهم وهم يهمون بالصعود الى الحافلات وسط شوارع مملوءة بالركام وعلى جانبيها أبنية مهدمة وأخرى تصدعت واجهاتها او طوابقها العلوية جراء كثافة القصف.
ويأتي اخلاء جنوب الغوطة الشرقية حيث لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) تواجد محدود، بعد اجلاء اكثر من 4500 شخص من مدينة حرستا بينهم 1400 مسلح من حركة احرار الشام يومي الخميس والجمعة.
وقبل التوصل الى اتفاقات الاجلاء، تدفق عشرات الآلاف من المدنيين الى مناطق سيطرة قوات الجيش السوريمع تقدمها ميدانياً داخل مناطق سيطرة الفصائل. وقدرت دمشق عدد الذين غادروا من بلدات ومدن الغوطة الشرقية منذ نحو أسبوعين بأكثر من 107 آلاف مدني عبر "الممرات الآمنة" التي حددتها الحكومة السورية.
- مفاوضات في دوما-
وبعد انتهاء عملية الاجلاء من جنوب الغوطة الشرقية، ستصبح دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية، المعقل الأخير للفصائل قرب دمشق، وتحديداً جيش الاسلام الذي يجري مفاوضات مع روسيا لم تعلن نتائجها بعد.
ويشعر سكان المدينة بالقلق بانتظار نتائج المفاوضات. ويقول أبو أيمن (30 عاماً) أحد سكان دوما "أتخوف من هذه المفاوضات (..) لا أثق بأي منهم، لا روسيا ولا النظام ولا هؤلاء الموجودين هنا (الفصائل) أثق بالله فقط".
ويضيف "أمضيت حياتي هنا وأتمنى أن أبقى.. اتيحت لي فرص عدة للخروج، لكن هنا بلدي وبيتي وحيث استشهد والدي. كيف سأترك قبر والدي؟ واذا تركته هل يمكن أن أعود يوماً".
وأعلن الناطق الرسمي باسم جيش الاسلام حمزة بيرقدار في تصريحات الأحد أن "المفاوضات الجارية هي للبقاء وليس للخروج" من المدينة، في وقت أفادت اللجنة المدنية التي تشارك في التفاوض عن اجتماع مقبل يعقد الاربعاء مع الجانب الروسي.
ونقلت صحيفة "الوطن" المقربة من السلطات امس الاثنين، عن مصادر مطلعة على الملف، توصل الجانب الروسي مساء الأحد إلى "تفاهم أولي" بعد "مفاوضات مكثفة بين الجانبين".
وأوردت أن المفاوضات قد تفضي إلى اتفاق يقضي "بحل جيش الاسلام، وتسليم الأسلحة الثقيلة، وعودة مؤسسات الدولة إلى العمل داخل المدينة". وأشارت الى أن "جميع الأطراف ستقوم بدراسة مضمون التفاهم في مدة ثلاثة أيام".
وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب نهاية العام 2016.
شرح الصورة
اطفال سوريون في ملجأ في 25 اذار/مارس في دوما بالغوطة الشرقية.