banner
مقالات مختارة
banner

اللواء مروان العمد يكتب: انفجار ناشفيل وماخفي منه

جهينة نيوز -
جهينة نيوز -اعلنت شرطة مدينة ناشفيل / ولاية تينيسي الاميركية يوم الجمعة الموافق الخامس والعشرين من شهر كانون الاول لعام 2020 المتزامن مع عيد الميلاد المجيد ان انفجاراً قوياً وقع في الساعة السادسة والنصف صباحاً في قلب المدينة المذكورة اسفر عن اصابة ثلاثة اشخاص بجروح طفيفة وتم نقلهم للمستشفى . واعلنت ان الانفجار حصل في عربة سكن متنقلة كانت تقف في احد شوارع المدينة وكان يصدر منها تسجيل صوتي يقول ان السيارة سوف تنفجر في غضون خمسة عشر دقيقة ويطلب من الناس الابتعاد عن المنطقة وانه على هذا الصوت حضرت الشرطة الى المكان وقبل حصول الانفجار . واعلنت الشرطة ان الانفجار قد تسبب باندلاع حريق وتدمير عدد من السيارات والحاق اضرار بالغة في المنطقة من ضمنها اكثر من اربعين مبنى.

وقد تولى مكتب التحقيقات الفدرالي الامريكي قيادة التحقيق بهذه الحادثة حيث اعلن المكتب المذكور ان المئات من عناصره يشاركون في التحقيق والسعي لمعرفة من يقف خلف هذا الانفجار ودوافعه . وقد صرح المكتب المذكور بأنه يبدوا ان الانفجار متعمد وانه ناجم عن عمل انتحاري وانه تم التعرف على شخص زو اهمية للتحقيقات بهذا التفجير يملك سيارة مواصفاتها مطابقة للسيارة التي حصل بها الانفجار . وانه تم العثور على اشلاء يعتقد انها بشرية ضمن حطام العربة وانه جاري اجراء الفحوصات عليها لمعرفة لمن تعود.

وقد اعلنت ادارة الطيران الفدرالي الاميركي منع الطيران فوق ناشفيل وتصنيف المجال الجوي فوقها كمجال للدفاع الوطني . وكان قد تم سابقاً الاعلان عن حصول عطل في نظام الاتصالات في المدينة والولاية نتيجة للانفجار.

اما حاكم ولاية تينيسي (بيل لي ) فقد اعلن منع التجول في المنطقة التي حصل فيها الانفجار لغاية السابع والعشرين من الشهر ، كما اعلن حالة الطوارئ المحلية في الولاية وقام بتوجيه رسالة للرئيس الامريكي دونالد ترامب نشرها عبر تويتر يطلب منه فيها اعلان حالة الطوارئ الخاصة بوقوع كارثة في الولاية على خلفية التفجير المتعمد والاضرار الصادمة التي خلفها ولدعم جهود الاغاثة وتعويض المتضررين.

وكانت محطات التلفزة قد نشرت فيديوهات لمكان الانفجار وقد ظهرت فيه النيران مندلعة في السيارة التي حصل فيها الانفجار . كما بدت المباني على جانبي الشارع وقد تعرضت لاضرار بالغة وخاصة في واجهاتها كما ان بعضها تعرض للتدمير الجزئي وظهرت فيه بعض السيارات التي تعرضت للتدمير. كما ظهرت كميات كبيرة من الانقاض في الشارع وعلى اسطح البنايات المجاورة من شدة الانفجار.

وقد كانت التوقعات في البداية حول من يقف خلف هذا الانفجار ودوافعه متعددة ما بين كونه فعل جرمي عادي داخلي يقف خلفه شخص واحد او عدد محدود من الاشخاص كما حدث في مرات كثيرة سابقاً . او فعل ارهابي داخلي تقف خلفه تنظيمات اميركية متطرفة او فوضوية كما حصل عام 1995 عندما قُتل 168 شخصاً وجُرح 600 شخصاً آخرين بتفجير كمية كبيرة من المتفجرات امام مبنى فدرالي في ولاية اوكلاهوما قام بتنفيذه الامريكي تيموثي ماكفي العضو في مجموعة مناهضة للحكومة الفدرالية والذي تم اعدامه عام 2001. او انها عملية تقف خلفها جهات خارجية تريد تصفية حساباتها مع اميركا . او انه حادث مفتعل هدفه خلط الاوراق قبل عملية نقل السلطة من الرئيس الحالى دونالد ترامب للرئيس المنتخب جو بايدن واعتباره مبرراً لعملية عسكرية امريكية خارجية قد تعطي للرئيس ترامب مبرراً لإعلان حالة الطورائ وبالتالي تعطيل انتقال السلطة للرئيس المنتخب.

الا انه لم تكاد تمضي اربعة وعشرين ساعة حتى واعلن مكتب التحقيقات الفدرالي الامريكي عن الاشتباه بشخص يدعى انتوني كوين وارنر والمقيم في بلدة انطاكية بالقرب من ناشفيل والذي يملك عربة نوم مطابقة للعربة التي استخدمت في التفجير وتم الاعلان انه سوف يجرى فحص الحمض النووي له ومقارنته بالحمض النووي للأشلاء التي عثر عليها في موقع الانفجار . وباليوم التالي تم الاعلان عن مطابقة الحمض النووي للمذكور والاشلاء التي عثر عليها وتم الاعلان انه هو من قام بعملية التفجير الانتحاري وانه كان في داخل السيارة عند تفجيرها . كما تم الاعلان الى انه لا يوجد ما يشير الى تورط اي شخص آخر بهذه العملية والتي لم يتم تحديد الدوافع اليها بالرغم من القول سابقا انها موجة نحو شركة AT & T للاتصالات والتي تملك مبنى في الشارع الذي حصل به الانفجار ولها برج فيه وكانت العربة التي انفجرت تقف بالقرب منهما وكما تردد ان العملية هي تعبير عن احتجاج على بعض انشطة هذه الشركة وان والده كان يعمل بها . علماً ان هذه الشركه والخاصة بالاتصالات والانترنت يتعامل معها سبعون مليون مواطن في اميركا وهي متهمة بأنها تساعد وكالة الامن القومي الامريكي على التلصص على حركة الإنترنت في الولايات المتحدة. وقد ذكرت صحيفة نيويورك ان وكالة الامن القومي تعتمد على هذه الشركة للتجسس على شبكة الانترنت التي تمر عبر البلاد.

وهذا يفسر سبب قيام منفذ التفجير بالاعلان عبر مكبرات الصوت عن الانفجار قبل حصوله بربع ساعة طالباً من الجميع الابتعاد عن المكان مما يؤكد ان هدفه شركة الاتصالات وليس الحاق الاذى بالارواح والتي اقتصرت على اصابة ثلاثة اشخاص باصابات طفيفة كما اُعلن بالرغم من شدة الانفجار والاضرار المادية التي حصلت نتيجة له . علماً انه كانت وكالة التحقيقات الفدرالية قد اعلنت عن الاشتباه بعربة اخرى مشابهة للعربة التي انفجرت وكانت تذيع نفس التسجيل الصوتي الذي كان يذاع من العربة التي انفجرت ثم اختفى الحديث عن هذه العربة.

وعندما تم الاعلان عن اسم منفذ العملية رفض مسؤول مكتب التحقيقات في ولاية تنيسي التعليق على ما اذا كان يمكن اعتبار هذا الانفجار عملية ارهاب داخلي.

كما يلاحظ انخفاض التغطية الاعلامية المحلية والعالمية لهذا الانفجار قياساً على عمليات اقل منها بكثير قام بها مسلمون في اميركا او نسبت اليهم ، مع ان الدراسات قد اثبتت ان العمليات التي قام بها مسلمون داخل اميركا بلغت نسبتها 12,5 % فقط من مجمل العمليات التي صنفت بأنها ارهابية و وقعت بها ، الا انها حظيت بتغطية اعلامية تمثل ثلاثة اضعاف ما حظيت به جميع العمليات الاخرى.

ومن هذا الاستعراض اجد ان هنالك الكثير من الامور المخفية في هذه العملية او التي تم اخفائها . وانه كان هنالك حرصاً على السرعة في الاعلان عن انتهاء التحقيقات ووصفها بأنها عملية انتحار وليست عملية انتحارية . ولكن هل سوف تكشف الايام عن خفايا هذه العملية ام سوف يبقى الغموض يغلفها كما هو الحال بالكثير من العمليات التي وقعت في اميركا ليس بدايتها باغتيال جون كندي ولا نهايتها بانفجار برجي التجارة العالمي . الايام القادمة قد تحمل الجواب على هذا السؤال.
تابعو جهينة نيوز على google news