مأْدَبا.. الناطقات بالروسية في المَدينة المُتْحَف
جهينة نيوز -بعد توقف طويل للسياحة الخارجية وبخاصة الروسية إلى المدينة المُتحف – مأْدَبا بسبب جائحة كورونا، شهدت مناطقها الأثرية والحضارية الأسبوع الماضي، زيارة وفد نادي "ناديجدا" صديقات الثقافة الروسية الناطقات باللغة الروسية، بقيادة رئيسته النشِطة الأُستاذة نتاليا نزارنكو. لقد جَالت سيدات الوفد في مواقع مأدَبا الدينية والتاريخية والحضارية عموماً، وأُعجِبن إيّما إعجاب بنشاط الجهات المَعنية، وبخاصة وزارة السياحة والآثار، والبطريركيات المسيحية المختلفة الناشطة في تفعيلات حماية آثار وكنوز مأدَبا، ذلك أن الإرث المادي والتراثين المعنوي والثقافي المتوافر على أرضها لا يُقدّر بثمن، بل لا مثيل له على وجه البسيطة، وهو مادفع بنا صَوب مزيدٍ من الأمل والعمل لتعزيز الثقة الشاملة بالامكانات الضخمة للسياحة الأردنية، وضرورة الدعوة العملية من جانبنا لتفعيل السياحة التنموية والجذب السياحي من العَالم إلى المملكة.
كانت زيارة وفدنا تاريخية بحق، إذ إتفقت السيدات المُشارِكات في ختام الرحلة على ضرورة ترويج جماليات وكنوز هذه المدينة في الدول الناطقة بالروسية، في شرقي أوروبا السلافية، وفي روسيا والدول السوفييتية السابقة.. ففي مأْدَبا تتواصل جهود كتابة التاريخ الأردني بمعونة المزيد من الكنوز الأثرية التي يتم اكتشافها يوماً في إثر يوم، ويُعتَبر كل جزء منها قيمة علمية محلية وعالمية وثقافية، تاريخية ودينية ثمينة وعظيمة يَحتضنها الأردن الذي شهدت أرضه تلاحق الحضارات الشرقية والغربية على حدٍ سواء، ومن ثم تلاقحها وتمازُجها لتنتج ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﺩﻝ المُثمِر لكل البشر دون استثناء.
في مأْدَبا تعرفنا على مدرسة تاريخية مُتفرّدة في طبيعتها وتقدِماتها العِلمية، فهي تعمل في إطار مُنضبط وبنشاط لاستدامة الفِعل الحضاري الراقي، من خلال الآثار المَحمِية بالقانون وجهود المخلصين من أبنائها ورجال الدين والدنيا ومساعديهم المتخصِصين بها، وهذا لعمري تعبيرٌ جَلِي عن تطلعات إنسانية فطرية للتفاعل مع الآخر البشري المختلف لغةً وثقافةً، لكنه المُشارِك في الوقت نفسه بفعلٍ إنساني مع الأردن، من خلال المملكة كونها البلد – المُتحَف العالمي المَفتوح تحت سماء واسعة. لذلك، يتطلع الأردن إلى الشعوب ككلٍ واحدٍ لحماية المنُتَج المادي والمعنوي للبشرية على أرضه، ضمنها ثقافات السلام المتلاقية حول هدف حماية الحياة والانسان والمستقبل الآمن للجميع، فشكراً لوزارة السياحة والأثار وللأُردن مَلِكَاً وشعباً لكل الجهود التي يبذلونها في هذا السّبيل الشريف.
في الحقيقة، لم تكن عضوات النادي، وهُنّ كثيرات جداً وفاعلات في الحياة الأردنية والخارجية، يَعرفن كامل هذه الآثار التاريخية الأُردنية العريقة وأبعادها العميقة في شتى الاتجاهات والمَناحي، فكثيرات منهن يتعرفن عليها للمرة الأولى، ويشاهدنها "اليوم"، ما أثار إعجابهن ودهشتهن الكبرى بها، وقد استولت هذه المواقع الأثرية بطلّتها البهية على شغاف قلوبهن وعقولهن. والآن وفي المسقبل، ستستمر سيداتنا باستذكار هذه المواقع المأدبية في كل مكان وزمان يتواجدن في أركانه، ومواصِلات التأمل والتفكّر والبحث في المَعَالِم التَّاريخيَّة التي تجسّد الماضي ونقلاتِه في حاضرنا المُعاش بكل تفاصيله الثقافية الفنية - الهندسية والبشرية، التي تشحن حاضرنا وناسنا بدفء النور الحضاري الذي تشع به ولا ينضب أبد الدهور.
لقد وُلدت مأدَبا في قلوب سيداتنا، ولامست شِغاف قلوبهنّ، وباتت تحاور عقولهنّ و تشعرهن بالحب والأمان في أجواء (سلام هاشمي) يلتف مِن حولِه مسيحيي ومسلمي مأدَبا والأُردن، فأصبحن من عشاق التاريخ ويتمسكن بثقافة الاطلاع على الحضارات القديمة في سبيل أدراك وفهم الماضي من أجل فهم الحاضر على أمثل وجه.
نحن سيدات نادي "ناديجدا"، وفي مقدمتنا السيدة المديرة نتاليا نزارنكو، نشعر بالفخر والاعتزاز والرضاء والسرور كلّما دخلنا مدينة وقرية أردنية ضمن برنامج "الأردن جنة" لوزارة السياحة والآثار، فكلها تتمتع بجذورعريقة تعكس بجلاء صورة صادقة واقعية ومشرقة لتاريخ الوطن الجميل، وتمنح صورة مضيئة لأجيالنا المُتلاحقة عن عصور عمّرها الآباء والأجداد بجهودهم المُستنِيرة.
*إعلامية أردنية – روسية ورئيسة تحرير جريدة "المُلحق الروسي" في الأُردن سابقاً.