اللواء المتقاعد مروان العمد يكتب:رحيل حكومة دولة السيد عمر الرزاز
جهينة نيوز - جهينة نيوز -ها هي حكومة دولة عمر الرزاز قد رحلت مع الاستحقاق الدستوري بحل مجلس النواب للتمهيد لأجراء انتخابات جديدة بعد ان لاحقها الكثير من اللغط الى ان وصفت بأنها اسوأ حكومة مرت على البلاد مع ان هذا الوصف قد ورثته عن الحكومة السابقة والتي ورثته عن التي سبقتها وهكذا. ومع انني ليس من عادتي ان امدح حكومة او اذمها وخاصة بعد رحيلها، وانما قد اثني على بعض ما قامت به وانتقد بعض ما قامت او ما لم تقم به اثناء وجودها، الا أن ما رافق تشكيل هذ الحكومة من احداث جعلني اخرج عن عادتي وان اتحدث عنها.
بداية اقول لدولة الدكتور عمر الرزاز وافراد حكومته يعطيكم العافية، فقد عملتم في ظروف صعبة جداً، رافقكم التوفيق بها احيانا وتخلى عنكم احياناً اخرى. اصبتم مرات واخفقتم أخرى. وان الزمن والتاريخ قد يعيد قراءة ما حدث اثناء فترة حكومتكم وقد يشهد لصالحها او ضدها. ولكنني اقول لكم ان حكومتكم ولدت قي ظروف استثنائية وصعبة وقاسية وقد يكون ذلك قد اثر على أدائها. فبعد ان كنتم دولة الرئيس تشغلون وزارة التربية والتعليم في حكومة دولة السيد هاني الملقي التي خاصمت الشعب وخاصمها الشعب وخاصة على وقع قانون ضريبة الدخل الذي عرضته حكومته على مجلس النواب فأثار غضب الشعب والذي نزل الى الشارع مطالباً برحيل هذه الحكومة والتي استقالت وتم على اثرها تكليفكم بتشكيل حكومة جديدة بدلاً من حكومة وصفها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين بأن بها اربعة او خمسة من الوزراء يعملون والآخرون لا يعملون شيئاً.
ولقد تفاءل الشعب بتكليفكم بهذه المهمة في البداية في هذه الظروف الصعبة وخاصة انكم ابن منيف الرزاز والذي سواء اتفقنا معه ام اختلفنا فقد كان من معالم القرن الماضي. وانكم شقيق الروائي المشهور مؤنس الرزاز رحمهما الله. بالاضافة لما عرف عنكم من نظافة اليد ولطف المعشر وعذوبة اللسان.
ولكن وللاسف فقد رافق تشكيل حكومتكم منذ البداية اخفاقات متعددة منها ما تتحملون مسؤوليتها بطريقة مباشرة او غير مباشرة، ومنها ما فرضته عليكم الظروف. فقد كان تشكيل حكومتكم الاولى من اغلبية ورثتها عن حكومة الملقي على الرغم ما وصفها به جلالة الملك المعظم مع اضافة عناصر اليها لم تكن على المستوى المطلوب.
وكان ثانيها تسرعكم بالتعهد للشعب بسحب قانون الضريبة وطرح قانون يرضى عنه المواطنين الا ان القانون الذي طرحتموه لم يكن يختلف كثيراً عن القانون المرفوض. نعرف ان الظروف كانت صعبة وكانت هناك متطلبات يجب تنفيذها عملاً بخطة الاصلاح الاقتصادي ولكن لم يكن معظم الشعب ليقبل بأن يكون الحل بزيادة الضريبة عليه.
وثالث الاخفاقات كانت طريقة التعامل مع قضية الدخان وعوني مطيع ومحاولة تسجيلها نصراً كبيراً للحكومة على الفساد ومحاربته وكأنها هي الفساد كله. فتم تضخيمها لتعظيم حجم الانجاز فيها، ليظهر فيما بعد ان القضية اخذت حجماً اكبر مما تستحق مما جعلها تموت في اروقة المحاكم حتى الآن.
ورابع الاخفاقات فكانت بالتعديلات المتعددة التي ادخلتموها على حكومتكم والتي لم تكن على المستوى المطلوب، ولم يقدم معظم الوزراء الذين انضموا اليها ما هو مأمول منهم والتي بدى وكأنه قصد منها ارضاء بعض المعارف والاصدقاء الذين لم يتم وضعهم في التشكيلة الاولى، لامر الذي انعكس بصورة سلبية على حكومتكم.
اما الامور التي ليست بيدكم فأن حكومتكم ومن اول يوم تعرضت للنقد والهجوم من مختلف الاتجاهات. فقد عاداها الاسلاميون باعتباركم من انصار التيار المدني واعتبروا ان مهمة حكومتكم ستكون هي محاربة الاسلام والمسلمين. وعاداها انصار التيار المدني لعدم اشراكهم فيها بعد ان ظنوا انها ستكون حكومة تمثل هذا التيار. وعاداها رموز المعارضة لان هذه هي مهمتهم ما لم يصبحوا من ضمن التشكيلة الحكومية. وعاداها الشارع الذي تحرك بقصد اسقاط حكومة الملقي والذي اعتقد انه اسقطها ليجد ان معظم اعضاؤها قد عادوا اليهم في حكومتكم، وان قانون الضريبة الذي خرجوا ضده عاد اليهم بدوره وان كان في ثوب جديد . كما عاداها المواطنين الذين ظنوا انهم اسقطوا حكومة الملقي واعتقدوا انهم قادرين على تحقيق ذلك مع غيره فناصبوا حكومتكم العداء واخذوا يضعون العراقيل امامها . ثم جاءت ازمة نقابة المعلمين والاضراب الذي اعلنوه وتعطيل العملية التعليمية في ظل تمسك النقابة بشروط تعجيزية وفشل حكومي في ايجاد حل يحفظ هيبتها، ثم جاء الحل الذي تضمن شروط اذعان ما كان لها ان تكون . ثم جاءت جائحة الكورونا لتجتاحنا كما اجتاحت العالم اجمع .
وقد حققت الحكومة في البداية نجاحات كبيرة في التصدي لهذا الوباء مما خلق لها شعبية ملحوظة ، وخاصة لبعض وزرائها الامر الذي اشعر معارضيها بالخوف من استمرار نجاحها فأخذوا بوضع العراقيل امامها وخاصة ان هذا النجاح كان كارثياً على الاقتصاد وظروف العمل ، وكان تحرك نقابة المعلمين اكبر خطوة بهذا الاتجاه والتي لجأت الى خطاب تصعيدي غير معهود نجحت حكومتكم هذه المرةفي التصدي له ولجم تمرد النقابة الجيد في مهده ولكن مع اثارة عش الدبابير من جديد على حكومتكم . كما ان سوء الحظ عاد لملازمة حكومتكم من جديد وذلك عنما عاد الوباء ليتسرب الينا في هجومه الثاني ومن خلال ثغرة في مركز حدود جابر ما كان لحكومتكم ان تسمح بها ، وليستغلها كل من عادا حكومتكم ليشنوا هجماتهم عليها موجهين اليها الاتهام بأنها هي من ادخل الوباء للبلاد .
وساعدهم على ذلك الكثير من الاخطاء والارباكات التي وقع فيها البعض من فريقكم الوزراي وفشل بعضهم الآخر بالقيام بأبسط متطلبات واجباتهم ، مما مكن معارضيكم من ان يغيروا الصورة البطولية والزاهية التي ظهرت بها حكومتكم في بداية الجائحة الى حكومة مترددة ومرتبكة وان كان بعض هذا التردد والارتباك قد اصاب العالم اجمع بمواجة هذا الوباء والذي لم تعرف اسراره بعد ولا كيفية القضاء عليه الا من خلال اتخاذ أجراءات وقائية في مواجهته بالتعاون ما بين الحكومة والشعب والذي لم يبدي للاسف تعاوناً مع حكومتكم في ذلك حتى لو كان الثمن ان يفتك الوباء بهم .
وللاسف فقد بدت حكومتكم متعثرة في الكثير من المواقف ، كما ان حظها كان متعثرا ولازمها سوء الطالع الذي قد يكون ظلم حكومتكم في بعض الحالات . ولكن يبقى ان رحيلها كان لاستحقاق دستوري