روسيا تنفي تسميم سكريبال مع اقتراب موعد انقضاء المهلة البريطانية
عواصم – ا ف ب
نفت موسكو امس الثلاثاء ضلوعها في تسميم العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا مع اقتراب موعد انقضاء المهلة التي حددتها لندن حتى منتصف الليل لتوضيح ملابسات استخدام غاز أعصاب يشتبه بأنه صنع في روسيا.
وأعلنت كل من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي تأييد لندن في ظل تصاعد حدة الأزمة الدبلوماسية مع استدعاء وزارة الخارجية الروسية السفير البريطاني لديها.
وفي تعقيبه على محاولة قتل سكريبال وابنته يوليا في مدينة سالزبري البريطانية في الرابع من آذار/مارس، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده "بريئة" من الأمر.
وأضاف أن موسكو "مستعدة للتعاون" مع التحقيق البريطاني لكن لندن رفضت طلبا روسيا رسميا للحصول على عينات من غاز الأعصاب المستخدم في الهجوم.
من جهتها، قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمام البرلمان إنه "من المرجح جدا" أن تكون روسيا خلف الهجوم. ومنحت موسكو مهلة حتى نهاية يوم الثلاثاء للرد على الاتهامات. وفي وقت لاحق الثلاثاء، أفاد المتحدث باسم ماي أن مجلس الأمن القومي البريطاني سيجتمع اليوم الاربعاء لتقييم الرد الروسي.
أما وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، فنوه إلى أن الهجوم هو "أول استخدام لغاز الأعصاب في القارة الأوروبية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية". وتعهد برد بريطاني "مناسب" في حال ثبت تورط روسيا في الهجوم.
وأعلنت ماي أن حكومتها تفكر في استصدار نسخة بريطانية من "قانون ماغنيتسكي" الأميركي الذي أُقر عام 2012 لمعاقبة المسؤولين الروس المتهمين بانتهاك حقوق الإنسان.
ولا يزال سكريبال (66 عاما) وابنته يوليا (33 عاما) في وضع صحي حرج في المستشفى بعدما عثر عليهما فاقدي الوعي على كرسي خارج مركز للتسوق في سالزبري (جنوب غرب).
وتم نشر عناصر من جهاز الطوارئ ببزات واقية من الأخطار البيولوجية في انحاء المدينة الهادئة عادة فيما حثت السلطات الصحية نحو 500 شخص يخشى من تعرضهم بدرجة ضئيلة للغاية إلى غاز الأعصاب على غسل ملابسهم وأمتعتهم كإجراء احترازي.
- "لن يتعافيا" -
وقالت ماي أمام النواب إنه سبق واستخدمت روسيا مجموعة من غازات الأعصاب تعرف باسم "نوفيشوك" مشيرة إلى أن لديها سجلا في عمليات الاغتيال التي تتم بايعاز من الدولة حيث ترى في منشقين على غرار سكريبال أهدافا مشروعة.
وطالبت موسكو بالكشف عن تفاصيل تطويرها لبرنامج غازات الأعصاب "نوفيشوك" لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي اعتبرت بدورها "مسألة أن المواد الكيميائية لا تزال تستخدم لايذاء الناس مقلقة للغاية".
ونقلت تقارير عن الخبير الكيميائي فيل ميرزيانوف الذي عمل على برنامج "نوفيشوك" ويقيم حاليا في الولايات المتحدة قوله إن آثار غاز الأعصاب "وحشية". وقال "لقد انتهى الرجل وابنته. حتى ولو نجيا فلن يتعافيا".
وتوالت ردود الفعل الغربية المؤيدة لبريطانيا حيث أعربت واشنطن عن "ثقتها الكاملة" بالتحقيق البريطاني. وقال الرئيس الاميركي دونالد ترامب الثلاثاء ان الامر يبدو وكأنه عمل روسي.
وقال ترامب للصحافيين في البيت الابيض "يبدو لي الامر وكأنها روسيا، استنادا الى كل الادلة التي بحوزتهم" مضيفا "ستتحدث تيريزا ماي إلي اليوم، وما ان نحصل على الوقائع، اذا اتفقنا معهم، سندين دور روسيا".
وأما الاتحاد الأوروبي، فأكد على موقفه الموحد الذي "لا يتزعزع" والداعم لبريطانيا، بحسب ما أفاد نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانز تيمرمان الثلاثاء فيما اعتبرت الحكومة الفرنسية أن الهجوم "غير مقبول على الإطلاق".
- "عرض هزلي" -
وأعرب الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ الاثنين عن قلق منظمته "الشديد" ازاء الاعتداء على سكريبال في حين ذكرت صحيفة "ذي ديلي تلغراف" أن بريطانيا تشاور نظراءها في الحلف بشأن تفعيل المادة الخامسة من معاهدة بالدفاع المشترك.
وردا على سؤال بشأن تورط روسيا في العملية، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشبكة "بي بي سي" الاثنين مخاطبا لندن "حلوا المسائل من جانبكم وبعد ذلك سنناقش هذه المسألة معكم".
ويوم الثلاثاء، استدعت موسكو السفير البريطاني لديها بعدما وصفت الاتهامات الموجهة إليها في وقت سابق بأنها "عرض هزلي" للتأثير على استضافتها كأس العالم لكرة القدم هذا الصيف.
وفي وقت لاحق الثلاثاء، ستترأس وزيرة داخلية بريطانيا آمبر راد اجتماعا للجنة الطوارئ الوطنية التي تدعى "كوبرا" لتزويدها بآخر مجريات التحقيق.
- سم "متطور" -
انتقل سكريبال، وهو ضابط سابق في الاستخبارات الروسية بعد سجنه في بلاده إلى بريطانيا في صفقة تبادل للجواسيس تمت عام 2010.
وتحقق الشرطة في الهجوم بمساعدة القوات المسلحة البريطانية ومختبر الأبحاث العسكرية التابع لها.
وأفاد خبراء في علم العقاقير أن "نوفيشوك"، وهي مجموعة تضم مئة غاز للأعصاب طورتها روسيا في مراحل متأخرة من الحرب الباردة، تعد "أكثر خطورة وتطورا" من غازي "السارين" أو "في اكس".
وذكرت "بي بي سي" أن المحققين يعتقدون حاليا أنه لربما تم وضع غاز الأعصاب على شكل مسحوق بودرة في نظام التهوية بسيارة سكريبال.
وألمحت تقارير أخرى وردت في وسائل إعلام بريطانية إلى وجود ضغوط متزايدة على ماي لإعلان مقاطعة بريطانيا مجريات كأس العالم في روسيا.
وعنونت صحيفة "دايلي ميل" "كيف يمكننا الذهاب إلى كأس عالم بوتين؟"
شرح الصورة
الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية سيرغي سكريبال اثناء حضورة احدى جلسات محاكمته في موسكو في التاسع من آب/اغسطس 2006