الغوطة الشرقية ومنطقة عفرين وحرب الالغاء
جهينة نيوز -امضيت الايام الماضية وانا اتابع الأحداث الملتهبة في منطقتي الغوطة الشرقية ومنطقه عفرين في شمال سورية. استمع للأخبار اشاهد الفيديوهات واستمع للمقابلات والتحليلات.
في منطقه الغوطة والتي تحدثت عنها في مقالي السابق ، فأنني في هذه المقالة سوف اتحدث عن مستجدات الأحداث في تلك المنطقة . فقد بدا واضحاً ان تنظيمات المعارضة هناك تسعى كل جهدها لاستمرار المعارك ما بينها وبين قوات النظام وأنصارهم وهم مستندين بذلك الى انهم لا يريدون ان يتخلّوا عن مواقعهم هذه القريبة لدمشق .
بل اكثر من ذلك فهم يسعون لجر النظام الى ردود فعل عنيفة بحقهم وعلى أمل سقوط اكثر عدد من الخسائر بين المدنيين وذلك لاستدرار غضب العالم الغربي للقيام بالتصدي لقوات النظام وخاصه ولاعتقادهم وكما ورد على لسان متحدثين باسمهم ان صبر الولايات المتحدة والدول الأوروبية قد اقترب من النفاذ على ما يجري في الغوطة ، وان هناك اتصالات تجري بين الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا لتوجيه ضربات جويه و صاروخيه باتجاه القوات الحكومية وانصارها والقوات الروسية الداعمة لها .
لذا فأن أطاله امد النزاع وعدم التوصل الى أي تفاهمات يقوي احتمال ان يتم قصف القوات السورية والروسية من قبل هذه الدول حتى لو أدى ذلك الى ان يتم تدمير ما تبقى من سورية . او حتى لو أدى ذلك حرب عالميه او نووية في سورية. فأن ذلك لا يعنيهم بقدر ما يعنيهم تنفيذ أوامر مموليهم وداعميهم.
ولذلك فهم وفِي كل يوم يعلنون عن حصول حالات اختناق وتسمم نتيجة استخدام الغازات السامة او الأسلحة الكيماوية من قبل النظام وإعطاء هذا الموضوع اهميه اكثر من مئات القتلى والجرحى الذين يسقطون يومياً من قبل قوات النظام واعوانه هذه الأسلحة التي تناقضت التعليقات الأمريكية والغربية حولها من القول بعدم وجود دليل على استخدامها من قبل النظام وأنه توجد مؤشرات على استخدامها . وبنفس الوقت متجاهلين السوريين المدنيين الذين يسقطون على الجانب الآخر عند قصفهم هم لمواقع النظام والذي تتجاهله كل المصادر الإعلامية التي يتاح لنا ان نشاهدها او نسمعها.
اذ ليس من المعقول ان لا يسقط ضحايا من بين عشره ملايين سوري أصبحوا يقيمون في دمشق بعد ان انتقل اليها الكثيرون بحثاً عن الامن والامان . هذا دون احتساب الإصابات ما بين قوات النظام وانصاره على اعتبار انها قوى باغية ومعتدية، في حين انهم لا يخفون ان هدفهم من تواجدهم في الغوطة هو مهاجمه قوات النظام والسيطرة على دمشق واحتلالها .
كما يدعم موقفهم هذا ما يشاع من ان الولايات المتحدة الأميركية تعمل على استقدام الآلاف من قوى المعارضة السورية الى قاعده التنف على الحدود العراقية تمهيداً لنقلهم الى الغوطة الشرقية وتعزيز قوى المعارضة التي تستحكم فيها منذ أربع سنوات وحولتها الى سراديب وأنفاق وكميات هائلة من الأسلحة. وان هدف الولايات المتحدة الأمريكية من ذلك هو ابقاء دمشق والقوى المدافعة عنها تحت تهديد الخطر وتصعيد المعارك فيها بهدف أحراج الدولة الروسية ودفعها الى مواجهات عسكريه ممكن ان تؤدي الى زياده تورطها وخسائرها هناك دون النظر الى الخسائر التي قد يتعرض لها السوريون في سبيل تحقيق ذلك .
من ناحيه أخرى فقد ادرك النظام وانصاره ذلك وكما أدركته روسيا ولذلك فقد قاموا بحملتهم الشرسة هذه لاقتلاع جذور تنظيمات المعارضة القريبة من دمشق مما يفوت عليها مخططاتها ومخططات من ورائها ومما يوفر الامن لمدينه دمشق مما يعتبر نصراً معنوياً كبيراً لهم قبل العودة الى المفاوضات في أي مسار . ولهذا فأن طرفا الصراع يعتبران معركه الغوطة الشرقية مسألة حياة او موت يستعجل النظام إنهاءها ، وتسعى المعارضة الى إطالة أمدها لعل وعسى يحدث ما يقلب الأمور لصالحها .
وبرغم ظهور قوى المعارضة بأنها موحده في معركتها هذه بعد ان كانت المعارك التي جرت بين اطرافها أشد قسوة من معاركها مع النظام في الفترات السابقة ، فقد رصدت من خلال عدد حوارات شاركت بها قيادات للمعارضة المتواجدة في الغوطة بمشاركه محللين واستراتيجيين روس واحد الأردنيين ، ان هنالك خلافات عميقه بين التنظيمين الرئيسيين في الغوطة وهما فيلق الرحمن وجيش الاسلام ولم يؤكد على متانة وحدتهما الا المحلل الا دني . وترجع أصول هذا الخلاف الى الخلاف الذي استحكم ما بين السعودية وتركيا، وذلك لارتباط فيلق الرحمن بتركيا وجيش الاسلام بالسعودية. وذلك على خلفيه النزاع السعودي القطري وموقف تركيا المساند لقطر الامر الذي جعل السعودية تضع تركيا من ضمن محور الشر في سورية الى جانب إيران والارهاب. وجعل تركيا تضع السعودية ضمن المحور الامريكي الصهيوني.
ففي حين يبدوا فيلق الرحمن اكثر استعداداً للانتقال الى منطقه أدلب حيث سيحظى هناك بالحماية التركية وحيث سيمكن تركيا من استخدامه في معاركها مع الأكراد وتنظيماتهم . فأنه بالنسبة لجيش الاسلام فأن انتقاله الى منطقه أدلب سيعني نهايته وتصفيته في حمله تصفيه الحسابات ما بين تركيا والسعودية. لذا فهو اكثر اصراراً على البقاء بمواقعه في الغوطة وخاصه انها ايضاً مواقع مقاتلي وعائلات هذا التنظيم .
من ناحيه أخرى فأن كل من جيش الاسلام وفيلق الرحمان كانا يدعيان ان مقاتلي النصرة في منطقه الغوطة الشرقية لا يتجاوز عددهم المائتين في محاوله للتقليل من خطر تواجدهم في المنطقة لنكتشف اليوم ان هذا الرقم قد ارتفع الى ستمائة وأنهم على استعداد للذهاب الى أدلب لوقف الهجوم الحكومي الروسي على الغوطة في تجاهل ان هناك العديد من التنظيمات الصغيرة في الغوطة مرتبطة مع جبهة النصرة من خلال هيئه تحرير الشام او مبايعة لها .
كما انه من المعروف ان علاقة فيلق الرحمن مع جبهه النصرة وثيقة ولطالما قاما بشن الهجمات المشتركة على مواقع النظام وهم اقرب الى التحالف مع جبهه النصرة . مما يجعل من المستحيل على النظام اعتبار ان الغوطة الشرقية قد خلت من الإرهابيين بمجرد خروج بضع مئات من أعضاء تنظيم النصرة وخاصه بعد تجربه ما حدث في حلب الشرقية، حيث ان الجميع كان يدعي خلوها من أعضاء هذا التنظيم. وعند تفريغها من المقاتلين تبين ان غالبيتهم العظمى من النصرة الذين انتقلوا الى أدلب مع عائلاتهم وسيطروا عليها. كما كان يتم ترديد ان في حلب الشرقية أربع مائه ألف مدني وهو نفس الرقم الذي يقال انه موجود حالياً في الغوطة الشرقية. ولكن عند اجلاء المدنيين من شرقي حلب تبين ان عددهم لا يتجاوز الثلاثين الفاً معظمهم من عائلات المقاتلين. وقد ذهب بعضهم الى أدلب فيما ذهب البعض الى قلب حلب حيث قوات النظام.
ومن خلال الحوارات التي كانت تجري على الفضائيات موضوع تقدم قوات النظام داخل الغوطة ونجاحها في شطرها الى شطرين حيث أقر بذلك معظم قاده المعارضة وان قوات النظام سيطرت على اكثر من نصف مناطقهم مع قولهم انهم يعملون على استردادها من قوات النظام . الا ان ذلك الا المحلل الاستراتيجي الأردني كان يصر على ان قوات النظام لا تسيطر الا على ثلث منطقه الغوطة الغير مأهولة بالسكان مستنداً في اقواله الى خرائطه الخاصة التي لا تخطئ أبداً. والذي كان يراهن على صمود المعارضة وانتصارها اكثر من قادتها .
ثم جاءت الأخبار لتثبت ان قوات النظام قد قسمت منطقه الغوطة الى ثلاثة قطع احداها في دوما والأخرى في حرستا والثالثة خارجهما . عندها أعلنت قوات المعارضة عن استعدادها لنقل مقاتلي النصرة الى أدلب والذين اختلف عددهم حسب تقدير التنظيمين ما بين مائتين وخمسين الى ستمائة مقاتل .كما تم الإعلان عن مغادره اربعه عشر من أعضاء هذا التنظيم الى أدلب واعتبرت المعارضة ان ذلك كافٍ لقوات النظام وانصارهم لان يلتزموا بوقف إطلاق النار على ان يتم أخلاء باقي عناصر النصرة عبر ممرات آمنه الى أدلب فيما بعد . وكأن المشكلة فقط أصبحت تتعلق بتواجد قوات النصرة ، وكأنها لم تصبح معركه إلغاء وان كل طرف يريد ان يلغي تواجد الطرف الآخر في منطقه الغوطة الشرقية وان النظام يرى ان التنظيمان إرهابيان الاول لعلاقته بالنصرة والثاني لممارساته الإرهابية بحق المواطنين ومنها وضع بعضهم في اقفاص حديديه حول مراكزه كدروع بشريه ولقيامه بتصفية الكثيرين من معارضيه في الغوطة وخاصه عندما كان تحت قياده زهران علوش قبل مقتله .
وفِي انتظار ما سوف تسفر عنها حرب الالغاء هذه في الغوطة الشرقية فسوف اتحدث عن حرب إلغاء أخرى تجري في سورية في مكان آخر وأطراف أخرى والبداية من عفرين و لكن في مقال آخر