العنف الاسري
جهينة نيوز -قبل ان نتحدث عن العنف الاسري يجب ان نوضح معنى الاسرة. فالاسرة هي نواة المجتمع، ويجمع افرادها صلة الدم او القرابة ويربط بينهم رابطة المحبة والتألف والاحترام. وللاسرة وظائف متعددة واهمها وظيفة الحماية الجسمية والنفسية والاقتصادية وتقديم الدعم العاطفي والمعنوي لافرادها. وللاسرة خصائص ومن اهم خصائصها التواصل والاحترام المتبادل. والمجتمعات وضعت ركائز للاسرة، وفي مجتمعاتنا الاسلامية ركائز الاسرة مستمدة من الشريعة الاسلامية واهم هذه الركائز المودة والرحمة: حيث حبب الاسلام أفراد الاسرة لبعضهم البعض لتستمر الحياة بتكافل دائم، قال تعالى(ومن آياته ان خلق لكن من أنفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة) سورة الروم اية ٢١. والعدل والمساواة: قال تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) سورة البقرة اية ٢٨٨.
وجميع الدول في انحاء العالم بغض النظر عن الديانة فيها شرعت العديد من القوانين لحماية الاسرة وافرادها وخاصة النساء والاطفال، ووقعت العديد من الدول على الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحماية الاسرة والطفل.
بالرغم من جمال هذه المنظومة الا ان العنف الاسري يستشري في مجتمعاتنا العربية ولذلك اسباب عديدة: منها نقص الوعي بالتعاليم الاسلامية واساءة فهم الرجال لمعنى القوامة، في قوله تعالى( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم) سورة النساء ٣٤
فالمعنى اللغوي لكلمة القوَّام هو كثير القيام كناية عن قلة الراحة وعن السعي والدأب بلا كلل. وكذلك من يقوم على الشيء او الشخص فيصونه ويحميه ويحتويه ويراعيه.
والسبب الثاني هو جهل المرأة بالقانون وبحقوقها الشرعية والمدنية وخوفها من المطالبة بحقها بسبب العادات والتقاليد او الانتماء القبلي او العشائري الذي يمنعها من اللجوء للقانون في حالة الخلاف
السبب الثالث التربية الذكورية للاولاد بحيث لا يحس باكتمال رجولته الا بالعنف او الضرب لاخته او زوجته او ابنته. مع ان الرجولة هي العطف والحنان على الطفل والمرأة وليس ممارسة العنف عليهم
والسبب الرابع غياب الرادع لان العنف الاسري يزيد بالقدر الذي يسمح به المجتمع والنظام، فالسكوت عن جرائم الشرف بان يقتل الاخ الصغير أخته الاكبر او أمه بحجة الشرف او الاب يقتل ابنته بنفس الحجة ولا يجد من يحاسبه قانونيا ويبرأ تحت قانون "جريمة الشرف " يعني ان المجتمع والقانون والنظام القائم يشجع العنف الاسري على الضعفاء داخل الاسرة. حيث لا يوجد في الشريعة الاسلامية شيء يسمى "بجرائم الشرف" لان الاسلام حرم القتل واعتبره من اكبر الكبائر . (فالقتل بدون اثبات لحد بغير بينة شرعية) حيث يجب اثبات هذه الجريمة عن طريق شهود، واقامة الحد بشكل فردي وهدر دم المسلم بغير حجة يعتبر من الكبائر، في قوله تعالى( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغَضِبَ الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيماً) سورة النساء ايه ٩٣.
فالعنف الاسري دائرة مغلقة يدور فيها الافراد ولا يخرجون منها الا بالارشاد الاسري من قبل متخصصين يقومون بتقديم المساعدة النفسية لهؤلاء الافراد الذين نشأوا في اسر يرى الطفل فيها امه واخته معنفين لفظياً وجسدياً ونفسياً فيصبح العنف بالنسبة له الشيء الطبيعي ويعتقد ان كل الاسر تعيش مثل اسرته. ينقل الطفل اسلوب الحياة الاسرية العنيف الى اسرته، لزوجته وابناءة، وابناءة ينقلونه الى ابنائهم وهكذا.
هذه الظاهرة من أخطر الظواهر التي تدمر المجتمعات لانها تسبب التفكك الاسري بين أفراد الاسرة الواحدة وفي المجتمع .
يجب على وزارة التنمية الاجتماعية ان تنشر الوعي ضد العنف الاسري وعلى الجامعات توعية الشباب باهمية الاسرة والترابط والتكافل الاسري في المجتمع وعلى المشرعين ان يضعوا القوانين الرادعة لمنع ومحاسبة من يقوم بالعنف ضد افراد اسرته لمنع هذه الظاهرة وعلى الامهات تربية ابنائهم التربية الصالحة.