الرزاز: إلى متى سنبقى في خلاف عنيف مع الآخر؟
تساءل وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز معلقا على سلوك التنمر والعنف الذي يمارسه بعض الطلبة، بهل نقبل بهذا الواقع الذي بدأ يهيمن على بعض منا؟ وهل من المناسب أن نلجأ للعنف كلما اختلفنا في الرأي أو الفكر؟ وإلى متى سنبقى في خلاف عنيف مع الآخر؟
وقال الرزاز إن ما شهدناه مؤخرًا من سلوكات عنف مشينة في مدارسنا يدعونا إلى مراجعة جادة للمهمات التي تضطلع بها المدرسة وبما تقدمه من تربية وتعليم.
واضاف الرزاز في منشور له عبر صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان التركيز في مدارسنا في المدة الطويلة الماضية كان على التحصيل الأكاديمي؛ وعليه زاد المحتوى الدراسي في الكتب المدرسية، وزاد عدد الحصص، وأوليات مهارة الحفظ الاهتمام الأكبر بهدف زيادة محصول طلبتنا المعرفي ورفع أدائهم، إلا أن النتيجة جاءت عكسية تمامًا.
وتاليا ما كتبه الرزاز:
أبنائي الطلبة:
ما شهدناه مؤخرًا من سلوكات عنف مشينة في مدارسنا يدعونا إلى مراجعة جادة للمهمات التي تضطلع بها المدرسة وبما تقدمه من تربية وتعليم.
ولعل التركيز في مدارسنا في المدة الطويلة الماضية كان على التحصيل الأكاديمي؛ وعليه زاد المحتوى الدراسي في الكتب المدرسية، وزاد عدد الحصص، وأوليت مهارة الحفظ الاهتمام الأكبر بهدف زيادة محصول طلبتنا المعرفي ورفع أدائهم، إلا أن النتيجة جاءت عكسية تمامًا، ليس فقط على التعليم، وإنما على التربية التي حسبناها تحصيل حاصل، لكنها لم تكن كذلك؛ فالتربية تحتاج إلى جهد كبير مشترك بين الأسرة والمدرسة لا يقل أهمية عن المنحى الأكاديمي، ولهذا ستجدون في العام الدراسي القادم أن ٢٠ بالمئة من وقت الدوام المدرسي سيخصص لحصص النشاط التي ستتضمن آداب التعامل مع الآخر واحترامه، وآداب الحوار، وتنمية الفضول الفكري، ومبادئ العمل مع الفريق، وستتضمن أيضًا الألعاب الرياضية والفنون، والعمل الكشفي والتطوعي، والمهارات الحياتية المختلفة، هذا بالإضافة إلى استثمار ساعات ما بعد الدوام في برامج تقوية وبرامج لصقل المواهب والمهارات، واستثمار العطلة الصيفية لتنفيذ برامج متكاملة تنمي الشخصية، وتعزز الهوية الوطنية والانتماء؛ بحيث تخرج المدرسة عن دورها التقليدي الضيق إلى دور تطويري تنويري واسع. وللوصول إلى ذلك نحن بحاجة إلى شراكة حقيقية مع كل الجهات الفاعلة في التربية والتعليم ابتداءً من نقابة المعلمين ومرورًا بمجالس أولياء الأمور ومجالس التطوير التربوي ومجالس برلمانات الطلبة، وكل مؤسسات المجتمع التي تُعنى بالتربية والتعليم.
أبنائي الطلبة:
وحتى تؤتي هذه البرامج أكلها لا بد لكل واحد منكم من أن يبدأ بنفسه، وأن يعي أن الإنسان مخلوق راقٍ، يستطيع أن يحل مشكلاته بالعقل والحوار، وهذا ما يصبغ عليه صفة الإنسانية البعيدة عن شريعة الغاب.
إن الخطورة في سلوك التنمر والعنف الذي يمارسه بعض الطلبة في أنه لا يقف عند حدود المدرسة وحدها، بل يتجاوزها مستقبلًا إلى العمل ثم البيت مع شريك الحياة والأولاد.
والسؤال هنا، هل نقبل بهذا الواقع الذي بدأ يهيمن على بعض منا؟ وهل من المناسب أن نلجأ للعنف كلما اختلفنا في الرأي أو الفكر؟ وإلى متى سنبقى في خلاف عنيف مع الآخر؟
هذه فرصة أدعوكم فيها ـ أبنائي الطلبةـ إلى استيعاب الآخر والتلطف به والاستماع له ومحاورته بالتي هي أحسن، وإلى الحلم عند الغضب، وتفهم الآخر ورأيه، وختامًا أدعوكم إلى (التسامح) الذي دعت إليه الأديان جميعها.