banner
مقالات مختارة
banner

الوقفي يكتب: نواب ولكن

جهينة نيوز -
جهينة نيوز -

مجلس نيابي يأتي ويغادر آخر، بذات الآلية والنهج، دون أن يحدث فرقا، أو يتمكن من اقتناص أي فرصة قد تعيد البريق إلى واجهة العمل النيابي، بعد كل هذا التكلس في الأداء، والعجز والوهن الذين باتا السمة الغالبة على أداء مجالسنا، دون أي مقدرة منها في إحراز أي تقدم أو خلق حالة انطباع إيجابية، يذخرها الناخب لمن توسم بهم الخير في حمل همومه وتطلعاته تحت قبة البرلمان.

الأصل في المجالس النيابية أن تكون علاقتها بالحكومة ندية، حتى تتمكن من ممارسة دورها الرقابي والتشريعي لا أن يكون قائما على سياسة الاسترضاء والمصالح والاحتواء، الامر الذي يحدث خللا بينا في علاقة النواب بالحكومة، التي وفرت لها البرلمانات في كثير من الحالات غطاء شرعيا، تفترشه السلطة التنفيذية لعديد قرارتها من ضريبة وغيرها انعكست بصورة مباشرة على مستوى معيشة المواطنين.

لقد سئم الناخب اداء المجالس النيابية ولم يعد يعول عليها أو ينظر اليها بعين الرضا، بعد كل الإخفاقات والخسائر التي منيت بها السلطة التشريعية أمام سطوة الجهاز التنفيذي، ونالت من رصيدها بين المواطنين، الذي تآكل أصلا بفعل عدم الانتصار لمطالب الناخب، والضرب بها عرض الحائط والتعاطي معها بسلبية، سواء أكانت على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو حتى الخدماتي.

أمام إخفاقات المجالس المتكررة في العجز عن تبني مطالب الشارع وعدم قدرتها على مد جسور الثقة مع الناخبين، والإذعان أمام أجندات الحكومات الذي بات صفة دائمة يوصم بها أداء المجالس، يدور حديث وتساؤلات يغلفها النظر بعين الريبة حيال حقيقة الدور المطلوب من النواب، وهل المجلس بالنهج التقليدي الحالي قادر على تحمل عبء المسؤولية والقيام بدوره الوطني واقعا لا مجرد شعار، ام أن هذه المجالس بأدائها التقليدي باتت لا تملك من أمرها أكثر مما هو متاح أمامها، بفعل عوامل عديدة لنا وقفة تفصيلة عندها في مقالة ثانية.

ولقد سجلت جائحة كورونا إخفاقا جديدا لمجلس النواب، إذ لم يكن له اي دور أو أثر في تبني موقف أو فكرة معينة، من شأنها أن تحمل مع المنغمسين في مواجهة هذا الوباء، واكتفت بدور المراقب عن بعد ولسان حالهم يقول"فاذهب أنت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون".

لقد تجرع المواطن الأمرّين بفعل عدم تفاعل المجالس النيابية مع تطلعات الناخبين وعانى من تداعياتها جميع أطياف المجتمع، بعد أن لمسوا غياب أو تغييب المجلس عن القيام بدوره المنتظر، إثر غياب بصماته الملفت على الساحة الوطنية، وعجزه عن المشاركة ولو بحلقة ترتقي إلى مستوى العصف الذهني، يتدارس بها شؤون وشجون الوطن، أو أن يقدم مقترحا يفيد به صانع القرار تجاه اي ملف وكان اخرها ما تسببت به هذه الجائحة من آلام اقتصادية واجتماعية لم يشعر المواطن بتداعياتها الحقيقية بعد حتى اليوم.

لم يعد البرلمان بنظر الكثيرين أكثر من مجرد ديكور ديمقراطي، لا يمت للواقع بصلة، "أبطاله" أخذتهم العزة بالإثم، وباتوا في بعض المواسم، يقدمون عرضا مسرحيا أو مسلسلا دراميا مملا، بعد أن استمرأوا وتقبلوا أن يكونوا دمية بيد السلطة تسيرها كيفما شاءت وبأي اتجاه تريد.

السمة الغالبة على أداء معظم برلماناتنا، افتقارها إلى أداء يتماشى مع حجم التحديات التي يعيشها الوطن، والاكتفاء بالشكل الديمقراطي بعيدا عن أي قيمة مضافة قد تشكلها، أو الإسهام في ايجاد حالة وعي عام، تجاه ما يجري في منطقتنا.


 

 
 
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير