2024-11-19 - الثلاثاء
banner
عربي دولي
banner

جلسة ليوميين لمجلس الأمن بشأن الغوطة: لوضع حدٍّ للمجازر... ورائحة الموت تزكم المجتمع الدولي.

{clean_title}
جهينة نيوز -

جلسة ليوميين لمجلس الأمن بشأن الغوطة: لوضع حدٍّ للمجازر...  ورائحة الموت تزكم المجتمع الدولي.

 

 

 عواصم -ووكالات -جهينة نيوز :-مامون العمري

 

بعد 6 أيامٍ على قصف طائرات الجيش السوري لمنطقة الغوطة الشرقية، آخر معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، ومقتل أكثر من 400 شخصاً في صفوف المدنيين، عقد مجلس الأمن الدولي، يومي الخميس والجمعة ، بطلبٍ من روسيا، جلسةً طارئة لبحث الوضع الإنساني المتردي في المنطقة. وكانت السويد، قد تقدَّمت بمشروعٍ قرارٍ بالإشتراك مع الكويت، بشأن هدنة إنسانية لمدة شهر واحد في الغوطة الشرقية، ووقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا. وفي ختام جلسةالخميس ، أرجأ المجلس التصويت على مشروع القرار إلى يوم  الجمعة.

وفيما يراقب المجتمع الدولي  بتذكر وإدانة خجولة ما يزال الشعب السوري يدفع ضريبة  تخاذل نظامه وتآمره  مع نظام الملالي الإيراني وأذنابها من عصابات حزب الله  ليتم تغيير معادلات القوى والديموغرافيا السنية على  الأرض، وقد شرعت  الانباط  في  إعداد سابقة  البحث ورصد من يقف  وراء هذه الضربات وقراءة ما وراءها وقد أسقطت مروحيات عسكرية سورية منشورات على منطقة الغوطة الشرقية، الخاضعة لسيطرة معارضين مسلحين، تحث فيها المدنيين على المغادرة.

وتدعو المنشورات سكان المنطقة، القريبة من العاصمة دمشق، إلى الرحيل عبر مسارات محددة، مع التعهد بتسكينهم في مخيمات مؤقتة.

كما دعت الملسحين إلى إلقاء أسلحتهم والتقدم عبر هذا المعبر وفق إجراءات أمنية لتسليم أنفسهم.

ومنذ يوم الأحد الماضي تتعرض الغوطة الشرقية لقصف مكثف من القوات الحكومية، بينما يطلق مسلحون هناك قذائف باتجاه دمشق.

وقُتل 400 شخص على الأقل في القصف المتواصل للغوطة الشرقية، بحسب تقارير.

وذكرت مصادر بالمعارضة أن 40 شخصا قتلوا في الغوطة الشرقية أمس في مناطق دوما وحمورية وكفر بطنا جراء قصف القوات الحكومية.

بالمقابل، قالت مصادر حكومية إن قصف المعارضة على أحياء جرمانة والقصاع وباب توما والعباسيين أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 32 آخرين.

 وشهدت أحياء شرق دمشق القريبة من الغوطة حركة نزوح كثيفة للمدنيين إلى غرب العاصمة السورية بعيدا عن قصف المعارضة وخطوط المواجهة المتوقعة إذا تقدمت القوات السورية الحكومية على الأرض.

وتكاد تخلو شوارع تلك المناطق من حركة المارة والسيارات مع إغلاق شبه كامل للمحال التجارية، حسبما أفاد عساف عبود مراسل بي بي سي.

ويعقد مجلس الأمن الدولي، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، اجتماعا اليوم لبحث مشروع قرار يدعو إلى وقف لإطلاق النار في شتى أنحاء سوريا بهدف السماح بتوصيل مساعدات الإغاثة وإجلاء المصابين.

وقبل الاجتماع، قال مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة إن الإخفاق في مساعدة سكان الغوطة الشرقية سيكون بمثابة خسارة فادحة في مصداقية المنظمة الدولية.

 

وكانت روسيا تقول بأن  وقف إطلاق النار أمر مطلوب ومحبب خلال الجلسة التي  هاجم المندوب الروسي فاسيلي نبينزيا فيها الإعلام الدولي، ورأى أنه "ينشر معلومات مغلوطة حول الأوضاع في الغوطة الشرقية"، كذلك هاجم المعارضة بالادعاء أن "المسلحين يحتجزون المدنيين في الغوطة الشرقية كدروع بشرية".

وانتقد نبينزيا مشروع القرار "الكويتي السويدي الذي يهدف إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار"، مشيراً إلى أنَّ "مشروع القرار والدول الأعضاء لم تقدم أي حلول عملية وضمانات لاستمرار وقف إطلاق النار".

وأوضح نبينزيا أنَّ "وقف إطلاق النار أمر مطلوب ومحبّذ، وعلينا معرفة آليات تطبيقه، نودّ أن نحصل على ضمانات حول وقف إطلاق النار المقترح".

واتهم المندوب الروسي الدول أعضاء في المجلس بأنها "تقوم بدعايات حربية"، وأن الأمم المتحدة تقدم تقارير غير دقيقة"، ثم تحدث عن مناطق مختلفة من العالم تشهد حروباً وصراعات، من بينها العراق واليمن"، وقال إن "المجلس بالكاد يتحدث عنها".

السويد: من المهم إعتماد مشروع وقف إطلاق النار

من جهته، ناشد المندوب السويدي أولوف سكوغ، مجلس الأمن الدولي اعتماد مشروع القرار الذي تقدّمت به بلاده مع الكويت، وقال: "من المهم للغاية أن يتم اعتماد مشروع القرار بشأن الهدنة الإنسانية ونحن نأمل أين يحدث ذلك اليوم".

 

 

 

الكرملين يحدد الجهة المسؤولة عن تفاقم الأوضاع في غوطة دمشق الشرقية

 

 

قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن المسؤولية عن التطورات الأخيرة في منطقة الغوطة الشرقية تتحملها أطراف تدعم الإرهابيين هناك وليس روسيا وشركاءها.

 

وتعليقا على الاتهامات الموجهة إلى موسكو من جانب واشنطن بشن هجمات على المدنيين في الغوطة الشرقية قال بيسكوف اليوم الخميس: "إن المسؤولية عن الوضع في الغوطة الشرقية يتحملها من يدعم الإرهابيين الذين لا زالوا متواجدين هناك حتى الآن. وروسيا وسوريا وإيران ليست ضمن هذه المجموعة، إذ تخوض هي بالذات صراعا بريا صعبا ضد الإرهابيين في سوريا.

ولم يجب بيسكوف عن سؤال حول احتمال استخدام روسيا حق النقض الفيتو أثناء التصويت على مشروع قرار تقدمت به السويد والكويت، في مجلس الأمن الدولي.

وأضاف: "هناك عمل متوتر للغاية. والوضع صعب جدا. لذلك يقومون (الدبلوماسيون) بدراسة هذه المسألة حاليا بشكل دقيق".

وتابع: "لا يمكنني قول شيء بهذا الشأن (بشأن استخدام حق الفيتو). هناك يتم حل هذه المسألة على المستوى الدبلوماسي وعبر بعثتنا في الأمم المتحدة. من الأفضل توجيه هذا السؤال إلى وزارة الخارجية الروسية".

 

سوريا: التحالف الدولي يعتدي مباشرة علينا

 

بدوره، أشار المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى أنَّ "المجموعات الإرهابية تستهدف دمشق يومياً بقذائف الهاون والصواريخ، وهي تدأب على نشر الدمار"، لافتاً إلى أنَّ "التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن انتقل من الحرب بالوكالة على سوريا إلى العدوان المباشر عليها، لتحقيق ما فشل الإرهابيون في تحقيقه". وقال: "نشكر روسيا لطلب عقد هذه الجلسة لنعرض ما يعانيه المدنيون جراء جرائم المجموعات الإرهابية المسلحة.

 

 

الكويت: لوضع حد للمجازر

 

وفيما اعتبر الجعفري أنَّ "واشنطن ولندن وباريس تريد أن تسلب حق سوريا في الدفاع عن نفسها"، دعا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، إلى "وضع حدّ للمجازر وانتهاكات حقوق الإنسان في الغوطة، وبالتالي دعوة كافة الدول الأعضاء إلى التصويت على مشروع القرار".

وتساءل المسؤول الكويتي، الذي رأس الجلسة: "إلى متى سيبقى المجتمع الدولي صامتاً؟ ومتى سيضع حداً لهذه المجازر والانتهاكات الجسيمة؟". وأضاف: "في هذا الصدد أودّ الإشارة إلى النقاط التالية: إن مشروع القرار واضح وبسيط، ويطالب بوقف أعمال القتال لمدة ثلاثين يوماً بهدف تمكين الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية على الأرض من تقديم المساعدات والخدمات الطبية وفقاً للقانون الدولي".

 

ولفت إلى أن "تحرك دولة الكويت يأتي انطلاقاً من واجبنا الديني والقومي لرفع المعاناة، وندعو في هذا الصدد كافة الدول الأعضاء للتصويت ودعمه"، مشيراً إلى أن "عدم التصدي للمجازر التي ارتكبت بشكل متكرر ولسبع سنوات، هو الذي شجع استمرار القتال".

كما دعت المملكة العربية السعودية الحكومة السورية إلى وقف القصف وإدخال المساعدات إلى الغوطة الشرقية، معربة عن قلقها من تزايد الهجمات.

ووفقا لما أعلنته وزارة الخارجية السعودية عبر حسابها الرسمي على موقع "تويتر"، أعربت المملكة عن قلقها العميق من استمرار تصاعد هجمات "النظام السوري على الغوطة الشرقية، وأثر ذلك على المدنيين هناك".

وشددت الوزارة على ضرورة وقف "النظام السوري للعنف وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، والأخذ بشكل جاد بمسار الحل السياسي للأزمة".

وطالبت السعودية الحكومة السورية، بضرورة السير وفق المبادئ المتفق عليها والمتمثلة في إعلان جنيف1 وقرار مجلس الأمن الدولي 2254.

 

 

أميركا: الوضع في الغوطة "جحيم"

 

 

إلى ذلك، عبّرت نائبة المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، السفيرة كيلي كيري، عن استعدادها للتصويت على مشروع القرار السويدي - الكويتي، وقالت: "النظام السوري يشنّ هجوماً بربرياً على الغوطة"، واصفة الوضع في الغوطة الشرقية بـ"الجحيم".

ووجهت ممثلة السفيرة الأميركية انتقادات لروسيا، مشيرة إلى أن "الدول الأعضاء في مجلس الأمن تفاوضت مع روسيا حول مشروع القرار، لكن يبدو أن الطرف الروسي غير معني بالتوصل إلى حل".

فيما علق سفير الولايات المتحدة السابق إلى سوريا (روبرت فورد) على مايحصل من عملية إبادة بحق أهالي الغوطة الشرقية على يد روسيا ونظام الأسد قائلاً إن "ما يجري في الغوطة الشرقية لن ينتهي إلا بإحدى طريقتين"، جاء ذلك في مقابلة مع قناة CNN الأمريكية.

وأوضح (فورد) أن "الطريقة الأولى هي استسلام فصائل الثوار في الغوطة، والمطالبة بشروط مماثلة لما حدث شرقي حلب، في نهاية 2016"، مشيراً إلى  أنه "لا يوجد شيء سيمنع نظام الأسد من تنفيذ الاستراتيجية نفسها التي نفذها شرقي حلب".

وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية كانت وحشية وقتلت آلاف المدنيين، وسمحت للنظام بتجويع والاستحواذ على الأحياء الشرقية في حلب، وهي تقوم بالأمر ذاته الآن في الغوطة.

في حين اعتبر المسؤول الأميركي السابق،  أن الطريقة الثانية لإنهاء العنف هو قدوم قوات عسكرية خارجية تلزم نظام الأسد بوقف القصف.

وحول الموقف الروسي، أشار السفير الأمريكي إلى أن موسكو لن تتخلى عن نظام الأسد، وتتغاطى عن الأعمال الوحشية التي يقوم بها.

وتشهد الغوطة الشرقية لليوم الرابع على التوالي حملة عسكرية  تشنها روسيا ونظام الأسد خلفت مئات الشهداء والجرحى وخروج أغلب المستشفيات عن الخدمة في تصعيد تزامن مع وصول تعزيزات عسكرية من أرياف وحماة وإدلب إلى أطراف الغوطة لاقتحامها

أنقرة تطلب من روسيا وايران وقف الهجوم على الغوطة

حثّت تركيا الجمعة روسيا وايران، الداعمتين الأبرز للرئيس بشار الأسد، على "وقف" النظام السوري الذي يشن منذ الأحد غارات على الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة أسفرت عن مقتل أكثر من 400 مدني.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو إن "على روسيا وايران وقف النظام السوري"، معتبرا أن الهجوم على الغوطة ومحافظة ادلب الخاضعة كذلك لسيطرة المعارضة "يتعارض" مع الاتفاقات التي توصلت إليها أنقرة وموسكو وطهران في إطار المحادثات التي جرت في استانة.

 

 

فرنسا: إستمرار أزمة الغوطة بمثابة مقبرة للأمم المتحدة

 

وفي كلمةٍ له، ندَّد المندوب الفرنسي، فرنسوا دولاتر، بـ "القصف الممنهج ضد المدنيين في الغوطة"، معتبراً أنَّ "استمرار أزمة الغوطة بمثابة مقبرة للأمم المتحدة".

ووصف المندوب الفرنسي ما يجري في الغوطة الشرقية بأنه "مأساة إنسانية كبيرة"، وقال: "سننظر في التعديلات الروسية على مشروع القرار".

 

 

وذكر دولاتر إن "الكويت والسويد تقدمتا بمشروع قرار يتناول الوضع الإنساني، وفي هذا السياق أحطنا علماً بأن الجانب الروسي يريد تعديلات على مشروع القرار، وسننظر، ولكن يجب أن يتم التصويت عليه بأسرع وقت ممكن. إن وقف الأعمال القتالية ليس بتنازل، بل مطالبة من الأمم المتحدة للاستجابة إلى القانون الدولي وتيسير تقديم المساعدات".

إلى ذلك، قدم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق عمليات الإغاثة لحالات الطوارئ، مارك لوكوك، إحاطته حول آخر التطورات على الأرض في الغوطة الشرقية، إذ استهل حديثه بالكلام عن "آلاف الرسائل التي وصلت مكتبه من مدنيين يعيشون في الغوطة الشرقية ويناشدون المجتمع الدولي تقديم المساعدة لهم".

وأشار لوكوك إلى أن "الضربات الجوية على الغوطة الشرقية استمرت خلال الأسابيع الأخيرة، بما فيها استهداف المرافق الطبية"، موجهاً حديثه إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن بقوله: "أنتم تعلمون جيداً أن الوضع يتدهور أمام أعيننا، والكل يعرف أن الغوطة الشرقية محاصرة منذ فترة، والأطفال هناك يواجهون أوضاعاً مأساوية. ولقد سمعتم الأمين العام يصف الوضع في الغوطة الشرقية بأنه جهنم على الأرض".

وأكد أن "الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية على الأرض تجد صعوبات بالوصول إلى المدنيين في مناطق عديدة من سوريا" إلى ذلك، أكّد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى سوريا، بانوس مومتزيس، اليوم الخميس، قبيل جلسة مجلس الأمن، مقتل ما لا يقل عن 370 شخصاً، وإصابة 1500 في الغوطة الشرقية، داعياً إلى "وقف كل العمليات العسكرية هناك".

وأضاف مومتزيس: "بعد كل الصور التي خرجت من الغوطة الشرقية خلال الساعات الاثنتين والسبعين الماضية... إذا كان هذا لن يقنع أعضاء المجلس ودوله بالحاجة إلى وقف إطلاق النار، فإننا بصدق لا نعرف ما الذي سيقنعهم"، وفق ما أوردت "رويترز".

وكشف مومتزيس أن "المنازل في الغوطة الشرقية بدون طعام أو مياه أو كهرباء"، و"80% من سكان حرستا يعيشون تحت الأرض"، وأن "هنالك آلاف الأطفال يعانون من سوء التغذية، و700 شخص بحاجة إلى إجلاء طبي فوري".

وفي حين أوضح منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن "جهود مكافحة الإرهاب لا تبرّر قتل المدنيين وتدمير مدن بأكملها في الغوطة"، أشار في سياق آخر إلى أن هجوم قوات النظام السوري في محافظة إدلب "قد يتسبب في فرار مليوني شخص إلى الحدود التركية

 

لماذا الغوطة ولماذا الان ؟

جاء إطلاقُ الجيش السوري لعملية الحسم في الغوطة الشرقية وسط التحولات الجذرية التي طرأت على الأزمة السورية مؤخراً، والتي أدت إلى زحزحتها عن خانة الصراع الإقليمي عبر الوكلاء، لتنقلها بسرعةٍ لافتةٍ إلى خانة الصراع الدولي بين القوى الكبرى.

 

 

 

 

بعض الدول واظبت على تبرير تدخلها في سوريا بمحاولة تضييق ما تسميه "النفوذ الإيراني"

 

ليس ثمة شكٍ في أن هذه العملية التي تهدف أساساً إلى تحصين جبهة العاصمة السورية دمشق وتوفير الأمان لحوالي خمسة ملايين مدني سوري يقيمون فيها، ستشكل منعطفاً جديداً في الأزمة السورية يتمثل في جانبين اثنين: الأول هو تفكيك المعادلات الإقليمية التي كرّسها طوال السنوات الماضية المالُ الخليجي وخصوصاً القطري والسعودي عبر تقديم الدعم إلى فصائل الغوطة بهدف إسقاط النظام السوري، وإنهاء جميع مفاعيل هذه المعادلات والقضاء على ما تبقى من ذيول وأذرع كانت تعمل لصالحها.

والثاني العمل على بناء معادلات جديدة تتّسق مع طبيعة التغيّرات التي تطرأ على ماهية الصراع، وتكون قادرة على مواجهة تداعيات الصراع الدولي الذي بدأ يرتسم في الأفق السوري.

وقد يفسر ما سبق ظاهرةَ غياب تصاعد مواقف بعض العواصم الدولية مثل واشنطن وباريس ولندن وحتى الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن هذه الدول والجهات حاولت كعادتها العزف على الوتر الإنساني لتبرير مواقفها الرافضة لتحرير غوطة دمشق من جماعات مسلحة بعضها مصنف على قائمة الإرهاب الدولي مثل "هيئة تحرير الشام"، فقد كان من الواضح أن السبب الرئيسي وراء استنفار هذه الدول ضد تحرير الغوطة، يكمن في خشيتها من أن يؤدي نجاح الجيش السوري في السيطرة على الغوطة أو على الأقل تحييد خطرها وتهديدها، إلى إجهاض الخطة الخماسية التي وضعتها هذه الدول بمشاركة كل من السعودية والأردن، الشهر الماضي

. وتقضي الخطة بفرض شروط سياسية ودستورية تؤدي في النهاية إلى تغيير النظام السوري. إذ تدرك هذه الدول أن الخطة التي وضعتها تتطلب لإنجاحها وجودَ معادلاتٍ ميدانيةٍ تتيح ممارسةَ ضغوط على العاصمة دمشق، وبالتالي فإن إغلاق ملف الغوطة سواء عسكرياً أو سياسياً سيحرمها من هذه الإمكانية ويجعل من خطتها غير قابلة للتطبيق.

وقد يكون ثمة سبب خفيّ وراء صراخ بعض العواصم ضد عملية الغوطة الشرقية، هو التأثير الإسرائيلي. إذ ستكون إسرائيل من أكثر الأطراف تضرراً جراء تحرير الغوطة الشرقية من "الإرهاب" وما يستتبعه ذلك من تعميق حالة الأمان في محيط العاصمة دمشق، لأنها تدرك أن أي انفراج عسكري لمصلحة الجيش السوري في أي منطقة من المناطق السورية ستكون لها منعكسات سلبية ضدها خاصة في ظل تصاعد التوتر بينها وبين دول محور المقاومة بعد مواجهة العاشر من شباط التي أفضت إلى تغيير قواعد الاشتباك جراء إسقاط الطائرة الاسرائيلية بالدفاعات الجوية السورية. وقد أقرّت الصحافة الاسرائيلية "صحيفة هآرتس على سبيل المثال" بأن هذه التطورات إضافة إلى توجه الجيش السوري نحو الغوطة، قد دفعا بالكيان الصهيوني إلى تغيير سياساته والعمل على زيادة دعمه لأكثر من عشرة فصائل من فصائل الجنوب السوري.

وفي هذا السياق تدل المؤشرات على مدى الأهمية الاستراتيجية لمعركة الغوطة، أن بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل، واظبت على تبرير تدخلها في سوريا بمحاولة تضييق ما تسميه "النفوذ الإيراني"، وعليه تبدي هذه الدول اهتماماً خاصاً بالكوريدور البري الذي بات يربط طهران بكل من العراق وسوريا ولبنان.

وانسياقاً وراء هذا المنطق، فإن معركة الغوطة ستؤدي ضمن نتائجها، إلى إنهاء أي خطر في محيط مطار دمشق الدولي والطريق الذي يربطه عبر القلمون الغربي مع بيروت. فالحملة الإعلامية للدول السابقة تظهر مطار دمشق ومحيطه كمركز نفوذ إيراني يُستخدم لنقل المساعدات الإيرانية إلى حزب الله، ما يدل على مدى أهمية معركة الغوطة لاسيما في إجهاض السياسات الأميركية والإسرائيلية، وبالتالي يمكننا أن نتفهم سبب مطالبة بعض الدول بوقف عملية الجيش والإصرار على فرض هدنة في تلك المنطقة.

وبعيداً عن التحريض الإعلامي في الشأن الإنساني، فإن الجيش السوري مدعوماً بموقف روسي مؤيد، يملك حججاً قوية لبدء أي عملية عسكرية في الغوطة أهمها أن فصائل الغوطة لم تستطع الالتزام ببنود اتفاق خفض التصعيد الذي ينص على ضرورة ترحيل "جبهة النصرة" خلال شهر من تاريخ الاتفاق الموقع في شهر آب الماضي. كما أن هذه الفصائل وعلى رأسها "أحرار الشام" و"هيئة تحرير الشام" التي تشكل "جبهة النصرة" عمودها الفقري، عمدت منذ حوالي ثلاثة أشهر إلى التصعيد العسكري ومحاولة السيطرة على مبنى إدارة المركبات في الغوطة الشرقية. هذا علاوة على موقف دمشق المبدئي بأن اتفاقات خفض التصعيد هي اتفاقات مؤقتة ولا تلغي "حق الدولة السورية في استرجاع سيطرتها على كافة الأراضي السورية" كما صرح وزير الخارجية وليد المعلم أمام مجلس الشعب السوري في شهر كانون الأول .

ولم ترفض "هيئة تحرير الشام" خروج عناصرها من الغوطة الشرقية تنفيذاً لاتفاق خفض التصعيد وحسب، بل أفشلت محاولة قام بها "فيلق الرحمن" في نهاية العام الماضي، بالتنسيق مع لجان المصالحة السورية، لإخراج حوالي مئتي عنصر مبايعين لتنظيم "القاعدة" من مناطق سيطرة الفيلق نحو الشمال السوري، مقابل فتح معبر مع المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري، لكن قيادة "الهيئة" رفضت الاتفاق واعتقلت اللجنة التي كانت تفاوض عليه.

وفيما أظهرت هذه الحادثة عجز "فيلق الرحمن" عن القيام بالمهمة الموكلة إليه بموجب اتفاق خفض التصعيد، كشفت في الوقت ذاته عن وجود كيان تابع لـ "القاعدة" في الغوطة الشرقية غير "هيئة تحرير الشام". وقد كان من اللافت أن أبو همام السوري القائد العسكري العام السابق لـ "جبهة النصرة" والقائد الفعلي حالياً لمجموعات "القاعدة" في سوريا، قد طلب في تعميم صادر عنه قبل يومين "توحيد الجهود" ضد الجيش السوري لإنقاذ الغوطة حسب قوله، وهو ما يثبت أن تنظيم "القاعدة" وليس "هيئة تحرير الشام" فقط، يقاتل ضد الجيش السوري في تلك المنطقة

وكان نشطاء سوريون وفرق إغاثية  بثوا على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد لما وصفوها بـ"الجحيم" الذي تُرتكب بحق المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية لدمشق.

ونشر الحساب الرسمي للدفاع المدني السوري في الغوطة الشرقية مشاهد مروعة ملتقطة بكاميرا مثبتة على الرأس للحظات ما بعد القصف على الأحياء السكنية في الغوطة، ورحلة البحث عن الضحايا الذين عثر على أغلبهم تحت الأنقاض.

وتظهر المشاهد أن أغلب الضحايا هم من الأطفال من والنساء المحتمين داخل منازلهم، فيما بدا في مشاهد أخرى لقطات لانتشال ضحايا أحياء وقتلى من تحت ركام المنازل.

وحتى مساء أمس، بلغت حصيلة القتلى في الغوطة الشرقية منذ بدء النظام السوري هجومه عليها قبل نحو أسبوعين بـ1300 قتيل وأكثر من ألفي مصاب، ودمار واسع طال أحياء سكنية بأكملها في أنحاء الغوطة الشرقية كافة.

الجماعات المسلحة التي تقاتل في الغوطة الشرقية

 

تشير التقارير إلى أن اهم فصيلين يسيطران على الغوطة الشرقية هما ومنذ خروجها عن سيطرة النظام هما "جيش الاسلام" و"فيلق الرحمن" الى جانب مجموعة صغير من "هيئة تحرير الشام".

تم الإعلان عن تشكيل "جيش الإسلام" في عام 2013 عبر اتحاد أكثر من 45 فصيلاً من "الجيش الحر" الذي كان يُعد أكبر تشكيل عسكري معارض. ويتكون "الجيش الاسلام" من مجلس قيادة و مكاتب ادراية مسؤولة عن مختلف جوانب نشاط الجماعة. ويقد عدد مقاتليه ما بين 10 إلى 15 الف مقاتل حاليا.

وشارك جيش الاسلام في الكثير من العمليات العسكرية في مختلف المدن السورية، وخاصة في ريف دمشق حيث اتخذ من مدينة دوما الواقعة في الغوطة الشرقية منطلقا لعملياته العسكرية وتمكن من توسيع رقعة عملياته والسيطرة خلال فترة قصيرة على عدد كبير من المواقع الهامة للنظام من بينها كتيبة الدفاع الجوي في الغوطة الشرقية، والفوج 274 ورحبة إصلاح المركبات الثقيلة وكتيبة المستودعات وكتيبة البطاريات وكتيبة الإشارة والدفاع الجوي.

وشارك قائده ومؤسسه، زهران علوش، في عمليات عسكرية كثيرة، وتعرض إلى محاولات اغتيال عدة، خصوصاً بعد محاربته تنظيم "الدولة الاسلامية" في الغوطة الشرقية، نجا منها جميعاً، ليلقى حتفه في غارات جوية روسية.

ومسقط رأس علوش هو مدينة دوما التابعة للغوطة الشرقية في ريف دمشق، وهو ابن الشيخ عبد الله علوش المقيم في السعودية منذ سنوات عديدة. وخرج من السجن بعد ثلاثة أشهر من انطلاقة "الثورة" السورية، بعد أن امضى عامين في سجن صيدنايا الذائع الصيت. وبدأ العمل على تأسيس قوة عسكرية أطلق عليها اسم "سرية الإسلام"، ثم توسعت لتصبح "لواء الإسلام" وبعد اندماج عدد من الكتائب والجماعات الاسلامية ذات الطابع الاسلامي السلفي تم تشكيل "جيش الاسلام".

لكن اغتيال علوش اواخر عام 2015 وهو عام التدخل الروسي في سوريا، أضعف جيش الاسلام بسبب افتقار القائد الجديد له لكاريزما علوش القيادية فضلا عن تجربته.

كما أن التدخل الروسي وحملة القصف العنيف على معاقل جيش الاسلام في ظل الحصار الخانق المفروض على مناطق سيطرته ترك أثره على قدرات التنظيم وقوته.

ويرى المراقبون ان جيش الاسلام يواجه معركة وجود حاليا مع حملة القصف العنيف على معاقله وتدمير مقومات الحياة في المنطقة وبالتالي تتقلص الخيارات أمامه وتنحصر بين الابادة مع كلفة بشرية هائلة بين قواته وفي صفوف آلاف المدنيين المحاصرين ايضا في الغوطة الشرقية أو قبول الخروج بشرط الخصم.

 

"فيلق الرحمن"

جماعة عسكرية تعمل تحت اسم "الجيش السوري الحر" وكانت نواته الاولى "لواء البراء" الذي تأسس في آب/اغسطس 2012 لكن مع انضمام مزيد من الجماعات المسلحة له تم اعتماد اسم "فيلق الرحمن" وهو ينتشر في الغوطة الشرقية حتى خطوط التماس مع قوات الحكومة في جوبر عين ترما على أطراف العاصمة. ويقدر عدد مقاتلي الفيلق بنحو 10 آلاف مقاتل وهو الذي قاد مؤخرا معركة الدخول إلى إدارة المركبات على اطراف الغوطة قبل اشهر قليلة والتي قتل فيها العشرات من جنود وضباط الجيش.

ودخل الفيلق في مواجهات عسكرية عديدة مع جيش الاسلام بسبب وقوفه إلى جانب جماعة "الاتحاد الاسلامي لأجناد الشام" في صراع الاخيرة مع جيش الاسلام على النفوذ والمكاسب الاقتصادية.

وافق الفيلق على الدخول في اتفاقية مناطق "خفض التصعيد" التي اتفقت عليها روسيا وتركيا وايران والتي تشمل أربع مناطق من بينها الغوطة الشرقية. لكن الأوضاع في الغوطة بقيت كما هي واستمرت دوامة العنف.

كما أن الفيلق وقف إلى جانب "هيئة تحرير الشام" ورفض طلب جيش الاسلام بطرد عناصر الهيئة من الغوطة لأن وجودها في الغوطة بات "مصدرًا للأزمات وذريعة لاستمرار حملة القوات الحكومية على حي جوبر الدمشقي وبلدة عين ترما" حسب بيان له.

"هيئة تحرير الشام"

ويتزعمّها في الغوطة الشيخ أبو عاصي، وفيها عدد كبير من المقاتلين الأجانب، وتعتبر من الفصائل النشِطة رغم قلّة عديدها.

قدرتها العالية على التفخيخ والتفجير والقيام بالعمليات الانتحارية منحتها قوة اضافية لا تمتلكها الاطرتف الأخرى. علاقاتها متوتّرة مع أغلب الفصائل، حتى مع حلفائها أمثال «فيلق الرحمن»، وينتشر عناصرها بشكل محدود في بلدات عربين وكفربطنا وجوبر. وكان لها حضور ملموس في ريف العاصمة لكن صراعها مع أغلب الفصائل الاخرى وخسارتها مناطق عديدة كانت تسيطر عليها أجبرها على اعادة تجميع أغلب عناصر في محافظ ادلب شمالي سوريا، حيث تسيطر على اغلب أرجاء المحافظة. وهي الان تخوض مواجهات مع منافستها هناك حركة "نور الدين زنكي" و"حركة أحرار الشام".

"حركة أحرار الشام"

هي الفصيل الرابع، وتشكّلت في بداية الحرب، وتموضعها الأساسي في ريف إدلب شمالي سوريا، ولديها وجود في الغوطة الشرقية مع عدد قليل من المقاتلين، إلا أنهم ذوو خبرة عسكرية، ولديهم علاقات طيبة مع أغلب الفصائل المسلحة في الغوطة.

 

  • {clean_title}
  • {clean_title}
  • {clean_title}
  • {clean_title}
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير