كيف يتولى عبادَ اللـهِ من لا يعرف كيف يعيشون!!
جهينة نيوز -ذكــريــات مـعـلـــم (7 - 8 )
«لفّيت» الأردن. عملت في عدة قرى في وسط الأردن وفي جنوبه وفي شماله، في ظروف غاية في القسوة عانى منها المعلمون والمعلمات كافة، في الستينيات والسبعينيات، قرى كان فيها مدارس ومعلمون ومعلمات فقط.
الكفاح الوطني الأكبر من اجل التعليم في الأردن وقعت اعباؤه على القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي الذي افتتح مدارس محو أمية الجنود في الاربعينيات والخمسينيات في مختلف المحافظات والبوادي. ثم طوّر الأهداف والغايات فافتتح مدارس لابناء العسكر في مختلف مناطق بلدنا مثل: كلية الشهيد فيصل الثاني التي تأسست عام 1946 في عمان والمدرسة الهاشمية الإعدادية في المفرق التي درست فيها المرحلة الإعدادية (1960-1963) ومدرسة الثورة العربية الكبرى في الزرقاء ومدرسة القويرة في البادية الجنوبية.
لم تكن في قرانا وبلداتنا تدفئة ولا كهرباء ولا طرق ولا سيارات ولا بنوك ولا أي.تي.ام. ولا مخابز ولا ملاحم ولا مطاعم ولا عيادات صحية ولا مراكز طبية ولا صيدليات ولا كازيات ولا مقاه ولا كوفي شوب ولا بيرغر كنج ولا بيتزا هت ولا مكدونالد ولا دور سينما ولا مسارح ولا مكتبات ولا هواتف ولا تلفزيونات ولا لاب توب ولا فيسبوك ولا واتس اب.
عملت معلما في ست محافظات:
1- محافظة البلقاء: مدرسة سويمة الابتدائية عام 1966
2- محافظة معان: مدرسة فلسطين الاعدادية، مدرسة بير أبو العلق الابتدائية، مدرسة بير الدباغات الابتدائية ومدرسة الشمّاخ الابتدائية أعوام 1966-1968
3- محافظة الكرك: مدرسة مجرا الابتدائية عام 1969
4- محافظة الطفيلة: مدرسة السلع الابتدائية، مدرسة بصيرا الإعدادية ومدرسة حِد الابتدائية أعوام 1970-1972
5- محافظة المفرق: مدرسة الدجنية الإعدادية ومدرسة حمامة العموش الإعدادية (مديرا) ومدرسة عبد الله بن رواحة الابتدائية في المفرق أعوام 1972-1977
6- محافظة العاصمة: شهر واحد في المدرسة العبدلية عام 1977 استقلت بعدها وتفرغت للعمل صحافيًا في جريدة الاخبار التي تم اغلاقها عام 1980.
تغلغلتُ عميقا في تضاريس وطني وتلافيفه، بمتعة وشغف وفرح، عرفت كيف يعيش أهلي، ماذا يأكلون وماذا يلبسون وكم يصرفون وكم يستدينون ومتى وكيف يسددون ديونهم. وعرفت في اي ظروف قاسية صعبة درس طلابنا وطالباتنا.
وها أنا اليوم تربطني أطيب العلاقات مع أهل القرى التي درّست فيها ومع طلابي الذين كانوا بالنسبة لي بمثابة أبنائي.
عملنا بعيدا عن أهلنا، فاضطررنا لاتقان مهارات متعددة كثيرة، حتى عطلتنا الأسبوعية كانت يوما واحدا فقط هو يوم الجمعة. كنا نتحمم في «السطل واللقن» ونغسل ملابسنا الداخلية والخارجية ونخيط فتق الملابس ونعيد خياطة الأزرار المقطوعة ونكوي ونعجن ونخبز ونطبخ منسفا أو مكمورة أو مقلوبة ونجلي ونحطّب ونصيد ونذبح ونسلخ ونقطع الخروف وننتف ريش الطيور والدجاج ونقطعها ونطبخها.
في بصيرا عام 1970 سكنّا مجموعة معلمي المدرسة في منزل غربي البلدة مكون من ثلاث غرف، خليل محمد الطرشان مدير المدرسة وعبد مقبل الهلول وإبراهيم العواجي القطاطشة ومحمد خلف القرارعة وموسى القرارعة وانا. كنت طبّاخ الفريق، يساعدني الأستاذ العملاق موسى القرارعة. وكان عبد مقبل وإبراهيم العواجي «القناصَين» المحترفين. ومديرنا الخال خليل الطرشان ومحمد القرارعة مسؤولا التموين والجلي.
ما زلت احنّ إلى تلك الأيام الجميلة. وعندما ترشّحت لانتخابات مجلس النواب عن محافظة الطفيلة عام 1993 وقف إلى جانبي بكل قوة وعزم وحميّة: خليل الطرشان وعبد مقبل الهلول وإبراهيم العواجي، ومحمد موسى النعانعة. ف»الرَّفَق» عزيز على الرجال.
في مدرسة السلع الابتدائية عملت بضعة شهور بمعية مدير المدرسة عطالله ارحيّل البداينة الذي ظلت علاقتي به إلى اليوم في أزهى حالاتها. وقد زرته في منزله في العين البيضاء يوم الاثنين الماضي أي في 5 شباط 2018. وما زلت أنادي أبا وائل كلما ألقاه «مديري». ذات يوم -في السلع- شتمني احد الطلاب الصف السادس شتيمة من -الزنار وتحت- خزقت الشتيمة أذني. كنا في الفرصة الصباحية وكان الطالب مع طلاب آخرين، يجلسون تحت السور يتشمّسون وكنت أقف قرب السور عندما سمعت الطالب وهو يطلق الشتيمة، لم يكن يراني. قلت لنفسي: إن عرف الطالب أنني سمعته فعليّ أن أعاقبه عقابا شديدا، يحفظ هيبتي أمام الطلاب، كي لا يجسر احد منهم على التطاول على أي معلم بعدها. قررت أن اطبق قاعدة: «السفيه والجاهل أُخسره» أي تجاهله وازدريه، «مشيتها وبلعتها»، استدرت ورجعت، فلم يعرف الطالب أنني سمعته، ولم يكن من تمام التربية أن أخلق - بل أدرأ- مشكلة يمكن أن لا تكون.
في الدجنية عملت بمعية المهذب الطيب مدير المدرسة عواد الفنخور الخزاعلة الذي ربطتني علاقات طيبة به وبوالده أبو محمد ووالدته واشقائه وخاصة شقيقه محمود باشا فنخورسفيرنا في السودان الان والذي كان حينذاك طالبا في المفرق. واستمرت علاقاتي بصديقي الشيخ عواد المحمد الخزاعلة أبو نايف -نص الدنيا- وبصهره الضابط احمد الرجا الخزاعلة وبأبنائه نايف ونواف ونوفان وفواز ومنصور وبصديقي العزيزين الاستاذين عبد الكريم عقاب الخالدي ونوفان الكراسنة.
لقد التقينا بعد 45 عاما في منزل محمود باشا فنخور بتاريخ 30 أيلول 2017 ضم المعلمين الأربعة الذين عملوا معا عام 1971 في الدجنية: عواد فنخور ونوفان كراسنة وعبد الكريم عقاب وانا. وما زلنا نلتقي.
ولا تزال تجمعني الروابط الطيبة بطلابي ولما أصبحت وزيرا للشباب بادرت إلى إنشاء مركز للشباب في بلدة الدجنية عام 1996.
كنا نعيش في القرى التي نعلّم فيها، لم نكن زوارا عابرين، كنا «نعيش» في القرى، نعم، نعيش بكل ما تحمل الكلمة من معنى. كنت ادخل في شراكة مع والد عواد الفنخور فنزرع أرضه قمحا وحمصا ليس بقصد الربح بل بقصد المتعة التي يحصل عليها الفلاحون وهم يراقبون السماء ينتظرون بلهفة وحرقة مطرها وغيثها ويراقبون الزرع ينمو إلى أن يصبح قمحا نفرّكه أو حمصا نشويه.
بعد تناول وجبة الغداء واستراحة قصيرة كنا نذهب إلى الملعب الترابي. المعلمون والطلاب، نلعب كرة القدم إلى أن تغيب الشمس وتصبح الرؤية متعذرة، وعندما تعينت في الدجنية توليت تحطيم الصخور في زاوية الملعب بـ»المهدّة» كي نمهد الملعب ما أمكن. كانت مهمة شاقة جدًا تفطرت اصابعي من ورائها ونزفت دما. تعاون معي المعلمون والأهالي على مدى أسابيع الى ان هيأنا ملعبا لا صخور فيه ولا اخطار على الطلاب.
كنا نرتب مباريات كرة القدم مع مدارس القرى المجاورة التي نذهب إليها ونعود منها على الأقدام. وكنت معلم كشافة، أتحرك مساء مع طلاب مدرستي الدجنية وحمامة العموش على الطريق المتجه إلى جرش نمشي على علامات الكشافة نطبقها ونهتدي بها إلى نقاط التجمع في أجواء أسرية حميمة لا مثيل لنقائها وصفائها.
كنت في الطابور المدرسي الصباحي عندما لفت المدير عواد فنخور انتباهي إلى امرأة تنطلق بسرعة من بعيد تتوجه إلى المدرسة، كانت تثير خلفها غبارا تنبئ ان وراءها شرا مستطيرا، قال لي عواد: أتعرف من تلك المرأة؟ قلت لا. قال هذه هي أم الطالب الذي عاقبته يوم أمس، وهي امرأة قوية لن تتورع عن بهدلتنا ومسح الأرض بنا كلنا أمام الطلاب. عرقت قليلا واضطربت ثم اخذت نفسا عميقا وتمالكت نفسي وقلت له: خليني أتصرف.
كانت اعين الطلاب كلهم مركزة عليّ. فقد كانوا يعلمون انها متجهة نحوي بسرعة الصاروخ وكانوا يتوقعون لي بهدلة على طولي فهم اعرف الناس بقوة شكيمة تلك السيدة.
وصلت المرأة العاصفة التي تقدح عيناها شررا وتقدح قدماها حجارة، واعين الطلاب تتحرك نحوها ونحونا وهي بين ان تشفق علي أو تتشفى بي. قالت المرأة بلهجة من قرر الحكم ويتأهب لاطلاق وابل من الاحكام: وين المعلم الطفيلي؟ وتوجهت نحوي توجه العارفة قائلة: لماذا تكسر خاطر ولدي وتضربه؟ لماذا؟
قلت لها بهدوء وروية من يجرّب بارودة ويدوزنها: حقك عليّ خيتي، هذه آخر مرة أعاقبه. وأضفت: لن اسأل ابنك بعد اليوم إن جاء إلى المدرسة أو إن غاب. إن أنجز فروضه المدرسية أو لا. وأضفت: ليس لي ولا للمعلمين علاقة بابنك. ابنك شيخ وقنصل وغير عن الطلاب وانا كفيل ان لن يعاقبه احد
أوشكت المرأة على الانهيار.
امتقع لون المرأة واصبح وجهها بلون مدرقتها وقالت بلهجة منكسرة: لا يا ولدي يا الطفيلي، لا، مو هيك. ابني ابنك أريده أن يتعلم. قلت لها بحزم وبصوت فاصل مسيطر: لا ترجعي للمدرسة مرة ثانية، نحن احنّ على ابنك منك. والشغل شغلنا. ردت باستسلام: الولد ولدك وأنا ما لي شغل بيه بعد اليوم. عادت أدراجها ببطء واضح تتلفت خلفها بين الفينة والأخرى وكأنها تظن أنني سأرسل ابنها خلفها أو أنني سأوسعه ضربا. تألمت وحزنت لما آلت اليه هذه المواجهة رغم انني تفاديت بهدلة مذلة امام طلابي.
كان درسا غير مباشر للطلاب الذين سجلت ذاكرتهم ان الانسان يمكن ان يكون متفوقا ثم يخسر المواجهة ان واجه خصما ذكيا يحسن التصرف وامتصاص الحالة.
وظل في خاطري الى اليوم سؤال المليون بلا جواب:
كيف يصبحون مسؤولين أولئك الذين لا يعرفون قرى الأردن وباديتها ومخيماتها؟
أي قرارات ذات بعد شعبي إنساني سيتخذون؟
كيف يحكم عباد الله ويدير شؤونهم من لا يعرفهم؟.
في مجلس الوزراء ناقشنا رفع أسعار الأعلاف المدعومة، التي ارتفعت أسعارها من مصدرها، على مربي المواشي والدواجن. أيّد الرفعِ عدد من الوزراء وعارضه عدد اخر. كان عام انحبست فيه الأمطار وبلغت القلوب الحناجر كان عام محل وقحط، انتكب فيه المزارعون ومربو المواشي فأصبحوا غير قادرين على إطعام مواشيهم، فعمدوا إلى بيع نصف «الشلايا» القطيع لينفقوا على النصف الآخر. وبدل أن يتم تخفيض أسعار بيع الأعلاف المدعومة لهم، يريد البعض من مجلس الوزراء أن يرفع عليهم الأسعار!!
في مدرسة حمامة العموش، عملت بصحبة سميح شدّاد وإبراهيم السوقي ومصطفى الرابي واحمد العليمات. ذات يوم رأيت أن أجرب أسلوبا في كشف بعض الخزعبلات ودجل العرافين والفتاحين فاتفقت مع شاب نبيه من أهل القرية تنكر بزي عرّاف ولي مسكين مكشوف عنه الغيب وحضر إلى غرفة الإدارة.
جمعت الطلاب في إحدى الغرف وقلت لهم إن عرّافا ماهرا زارني وأريدكم أن تلتقوا به. كان الرجل يعرف الطلاب بدقة شديدة ويعرف القليل عن المعلمين فزودته بالمعلومات اللازمة عنهم، دخل يتوكأ على عكازه وبادر احد المعلمين قائلا: انتم اثنان تجيبون النفع للدار، فصرخ المعلم نعم، نعم أنا وشقيقتي. وخاض « العرّاف» مع الطلاب والطالبات فاصلا طويلا أذهلهم لشدة معرفته ودقة معلوماته.
أجلسته في غرفة الإدارة وعدت إلى المعلمين والطلاب المذهولين وسألتهم هل أقنعكم الرجل؟ فأجابوا بالإجماع: نعم. هذا ولي يعرف المحجوب والغيب. ناديت «العرّاف» وطلبت منه ان يزيل اللحية المستعارة والضمادة التي على عينه والنظارة والفروة التي يرتديها وان يضع العكازة من يده. فلما فعل خمدت حماسة الطلاب وأدركوا أن الخداع ممكن والى درجة كبيرة أحيانا وان «العرّاف» وهم وغش. وان الدجل يمكن ان ينطلي على المعلمين أيضا.
عملت في مدرسة عبد الله بن رواحة في المفرق بمعية المدير الراقي الحشم طالب احمد الشواقفة - أبو الدكتور نبيل، رئيس جامعة البلقاء التطبيقية، وحنا حداد وغازي هلال النمري-الباشا.
وفي ظروف جوية سيئة، سقطت الطائرة الطوافة التي كان يقودها الطيار العالي الكفاءة الشهيد بدر الدين ظاظا وعلى متنها الشهيدة الملكة علياء الحسين والشهيد الدكتور محمد البشير وزير الصحة والشهيد مهند ألخص مرافق الملكة، يوم 9 شباط 1977 (صادفت يوم امس الذكرى 41 لاستشهادهم) وهي في طريق العودة من زيارة مستشفى الطفيلة إثْر شكوى من سوء خدماته وتجهيزاته، عزمتُ على زيارة الدكتور المتميز محمد طايل الشواقفة- ابوزيد الذي تم تعيينه مديرا لمستشفى الطفيلة وهو قريب أصدقائي واسعي الاحترام رجل الأعمال الشيخ نوفان ضيف الله الشواقفة وشقيقه الدكتور نايف.
في سيارة السرفيس من عمان إلى الطفيلة، يسّر الله لي راكبا، لم يتوقف عن سرد المشاكل التي تعاني منها مدينة الطفيلة.
قررت الإقدام على مغامرة وعلى فعل كبير خطير، له عواقب وخيمة، لن تطالني، إن أنا أتقنت التمويه والتضليل. كان عدد من المعلمين موقوفين لخلاف مع مدير التربية الذي وجدوا زجاج سيارته محطما في الصباح. وكان عطاء بناء درج شاهق للمدرسة الثانوية شابَهُ غش بيّن. وكان هناك من استولى على أراض قرب القادسية وحرثها بتواطؤ رسمي وتراكتورات رسمية!.
قررت أن انتحل صفة صحفي لأتمكن من الكتابة عن تلك المشاكل من الداخل. كانت أول مستلزمات نجاح التضليل أن يكون معي مصور، فاتفقت مع الصديق المصور جمال مسودة وذهبنا معا إلى المتصرف -الحاكم الإداري الذي ابلغه الحاجب أن «الصحافي محمد داودية» من صحيفة «الأخبار» قادم من عمان ويطلب مقابلته.
فُتحت لي الأبواب على مصاريعها فقد كان استقبال المتصرف بمثابة حصان طروادة. وبعد شرب الشاي، عاتبت المتصرف (برفق) على حبس المعلمين. وطالبت أن أزورهم في «النظارة» في السرايا في آخر البقيع. اتصل المتصرف هاتفيا بمدير الشرطة قائلا: الصحافي محمد داودية من صحيفة «الأخبار» في الطريق إليك فدعه يقابل المعلمين الموقوفين. قابلت المعلمين المحبوسين ورجعت إلى المتصرف ناصحا أن يفرج عنهم ففعل.
انتشر كالنار في الهشيم أنني «أطلقت المحابيس» !!
توجهت إلى حيث المشاكل الأخرى وأجريت تحقيقات كانت أشبه بالتحقيقات الجنائية. وكان المصور الصديق جمال مسودة معي لا يتوقف عن التقاط الصور وهو لا يعلم انه يساهم إلى حد كبير في التضليل ويجعله كامل الإتقان.
وفي غمرة انهماكي الشديد وبسبب ضيق الوقت لم أتمكن من تحقيق الهدف الذي جئت من اجله وهو زيارة الدكتور محمد طايل الشواقفه مدير المستشفى.
أخذت مجموعة الصور من جمال الذي طالبني بثمنها ولأنني لا املك ثمنها فقد وعدته أن ترسل له إدارة صحيفة الأخبار الكلفة لاحقا. عدت إلى المفرق وكتبت تحقيقا مطولا مصورا بعنوان «الطفيلة تحت الصفر» رتبته ووضعت له مقدمة وصورا، أرسلتها إلى راكان المجالي رئيس تحرير صحيفة الأخبار، فنشرها بعد عدة أيام في 4 حلقات تحت عنوان «الطفيلة 77».
انتشيت وأنا أرى اسمي مطرزا لأول مرة على ورق الصحيفة، تحقيق: محمد حسن داودية. تصوير جمال مسودة. ولاحقا عندما طالبني جمال بثمن الصور قلت له مازحا وانا اعرض عليه الكلفة، إنني وضعت اسمه على التحقيق الصحافي وهذا اكبر دعاية له، فغرق في الضحك ورفض قبض المبلغ و»مشّاها».
بعد 3 أشهر ذهبت إلى صحيفة الأخبار وتعرفت على رئيس تحريرها راكان المجالي الذي عرّفني على فؤاد سعد النمري مالك الصحيفة. دعاني النمري إلى مكتبه وسألني: ماذا تشتغل يا محمد؟ قلت له: اعمل مدرسا. قال لي: أنت خُلقت صحافيا ومكانك هنا معنا في الصحيفة. عرض عليّ فؤاد النمري- أبو فارس، ضعف راتبي الذي كان 45 دينارا، فوافقت واستقلت من وزارة التربية والتعليم بعد خدمة عزيزة على قلبي استمرت 11 عاما.
أخذت قرار التفرغ للعمل في الصحافة في خريف عام 1977 وكانت نصائح جميع الأصدقاء تحذرني من الإقدام على تلك المغامرة لعدم استقرار الصحيفة. وحين تبرع الشهيد صدام حسين للصحافيين أعضاء نقابة الصحافيين الأردنيين ب67 شقة تم بناؤها في طبربور، كانت واحدة من أجملها من نصيبي.
يتبع الحلقة الثامنة والأخيرة السبت المقبل
الدستور