حرب وجودية !
جهينة نيوز -هو مصطلح أطلقه نتنياهو فى إيطاليا وعمل على تعميده رئيس الأركان الإسرائيلية هليفي فى فرنسا التى بدورها اعتبرت وعلى لسان رئيسها ماكرون أن الحرب في أوكرانيا هى حرب وجودية لأوروبا كما ارادت القيادة الإسرائيلية اعتبار حربها فى المنطقة هى حرب وجودية ليس ضد الشعب الفلسطيني فحسب أو ضد حماس فى غزة بل ضد الأسلحة الروسية فى سوريا كما فى الجزائر وهو المصلح الذي يعني ضمنيا انتقال حرب غزة من محيطها العضوي إلى حرب دولية ضد الاسلحة الروسية بالمنطقة الأمر الذي سيجعل من مسرح العمليات يتمدد الى جوانب اخرى تشمل ايضا العراق واليمن والجزائر إضافة للبنان والأراضي الفلسطينية، وهو ما يجعل الأردن على تماس عسكرى مع توسيع مسرح الأحداث ويجعل من الولايات المتحدة مطالبة بإسناد الاردن بكل اشكال الدعم ويهيب بالأطراف الاخرى ضرورة توخى الحذر والوقوف عند نقاط الاشتباك بشكل دقيق.
و ما يتوقعه المتابعين أن تتشعب نيران المعارك وتصل درجات متفاوتة الى اسيا الوسطى وكما للشمال الافريقي وبعض أرجاء أوروبا وهو ما ينذر بتحويل ميادين المعارك الدائرة لحرب عالمية ثالثة مع تصاعد حدة التوتر الدائرة وتنامى فرص انزلاق الجميع إلى هاوية السقوط الحر فى نيران حرب لا يعرف محيطها أو مدة استمرارها وكيف ستكون نهايتها اذا ما أطلقت شرارتها !
وهو ما تريده حكومة تل أبيب حتى لا تدفع وحدها فاتورة الحرب فى غزة بعدما خسرت على الصعيد العسكرى منذ حرب غزة عشر نقاط جعلتها تصبح في المرتبة الخامسة في المنطقة بعدما كانت الاولى فى التفوق العسكري، كما أصبح الاقتصاد الاسرائيلي بحاجة الى معونات إضافية كبرى وثمان سنوات على الأقل ليكفل له العودة للمكانه التي كان عليها قبل حرب غزة وهو أيضا بحاجة لمساعدات إضافية تضمن له عودة التيار الليبرالي المتصهين الى ما كان عليه في السابق قبل سيطرة تيار الحريديم التوراتي على المشهد العام بالتحالف مع نتنياهو وهو ما يستدعي إخراجهم من بيت السلطة بسيطرة الجيش وحده على الخدمة العسكرية وعلى بيت الحكم بتقليص مقاعد هذا التيار التوراتي في الانتخابات القادمة.
وفي مسعى من حكومة تل أبيب لاستدراك ذلك اخذ نتنياهو ببيان وجبة دبلوماسية تهدف السيطرة على المشهد الداخلى باستعادة الموقف الأوروبي للصف، منهجية نتنياهو وذلك عبر بوابة روما لتكون إيطاليا شريك فاعل في معركتها الإقليمية التي تسعى لتحويلها إلى دوليه كما من الباب الفرنسي بعد المتغيرات الجوهرية التي طرأت على موقف فرنسا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي في حرب غزة تجاه الموقف الفلسطيني عندما دعوا جميعا لضرورة وقف إطلاق النار وأهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية لتنفيذ حل الدولتين.
الأمر الذي جعل من القيادة الاسرائيلية تعمل على إطلاق برنامج يقوم على توسيع مسرح العمليات لاداخل الجميع فى معركة دولية سيخسر عبرها المشاركين كما المتداخلين وسيكون المستفيد منها نتنياهو وحكومته لأنها تكفل له عناوين البقاء كما ستعمل لتغيير مناخات الحرب من حاله فلسطينية اسرائيلية الى اطر أممية بين دول المركز ودول المحور.
لكن هذا سيكون له تأثير عميق على السلم الدولي والأمن الأممي الذي اصبح مستهدف نتيجة انتهاج إسرائيل لسياسة الهروب للأمام من أجل حسم المعارك الدائره بطريقه عسكريه لإنهاء جدلية الموقف الدولي الذي وقف لدواعي انسانية مع القضية الفلسطينية وأخذت المواقف الدولية تكون أكثر قربا للجانب الفلسطيني وهذا يسقط على الموقف الأمريكي الذي ذهب فيه شومر رئيس الأغلبية في الكونجرس لتحميل نتنياهو مسؤولية الإخفاق وتدعم جهود التوصل لهدنة تفضي لتسوية يمكن ترجمتها لتكون أرضية عمل لدولة فلسطينية لتجسيد مشروع حل الدولتين.
الأمر الذى جعل واشنطن تدعم سبل وصول المفاوضات الجارية في قطر لهدنة وتدخل بكل تفاصيلها مع ارتفاع نسبة درجة تقويضها نتيجة التحرك الدبلوماسي الذي يقوم به نتنياهو وحكومته فى الاتجاه المناوئ لها في الساحة الأوروبية على الرغم من قيام الحكومة الإسرائيلية بتوسيع صلاحيات الوفد المفاوض في قطر.
وهو ما جعل من الحالة السائدة تزداد تعقيدا على الصعيد الفلسطيني ايضا بعدما كلف الرئيس الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى لتشكيل حكومة قبل وصول المفاوضات لاتفاقية هدنة بتوقيت كان من المفترض أن يكون بعد إعلان الوصول لوقف أطلاق النار بما يسمح بتشكيل حكومة توافق وطنى ؟!. وهذا ما أضاف عقده على عقدة حالة الأحداث المستعصيه.
أما على صعيد الائتلاف الحكومي الاسرائيلي فان خروج ساعر من الائتلاف الحكومي قد يذهب بالجميع لانتخابات مبكرة لكن هذه العقدة تبدوا لازمه حتى يتم وضع "فرامل" لحالة التدهور الحاصل بالمشهد العام ليعاد من بعد ذلك ترسيمه وإعادة صياغة الخارطة من جديد بعد نزع فتيل الأزمه وتخفيف درجة الانزلاق تجاه هاوية لحرب وجودية !!!
د.حازم قشوع